التصلب المتعدد أو داء مزيل للميالين هو اضطراب في الجهاز العصبي المركزي يحدث نتيجة تلف الغشاء المغلف للألياف العصبية المسمى ميالين. يُعزى المرض وفقاً لإحدى النظريات إلى مهاجمة الجهاز المناعي للميالين معتبراً إياه جسماً غريباً.
تؤدي هذه الهجمات إلى التهاب يسبب تلفاً أو تغييراً شاذاً في أجزاء صغيرة من غمد الميالين تدعى الآفات، ما قد يعطل وظيفة الألياف العصبية. وتؤدي هذه الوظائف المتعطلة إلى انقطاع التدفعات العصبية المنتقلة من وإلى الدماغ والحبل الشوكي، ما يسبب مجموعة واسعة ومتنوعة من أعراض مرض التصلب المتعدد.
يتأثر كل مريض بشكل مختلف، فتتطور وتتفاقم بعض الأعراض عند المرضى المصابين بانتظام مع مرور الوقت، بينما قد تظهر وتختفي الأعراض عند الآخرين. وتعرف الفترات التي تزداد فيها الأعراض سوءاً باسم النكسات. وتعرف الفترات التي تتحسن فيها الأعراض أو تختفي باسم فترات الهدوء. يميل التصلب المتعدد إلى اتخاذ واحدة من ثلاثة مسارات سريرية، أو أنواع كل منها قد تكون طفيفة، أومعتدلة أو شديدة.
يمثل النوع الناكس الهاجع الشكل الأكثر شيوعاً من التصلب المتعدد الذي يتميز بالشفاء الجزئي أو الكلي بعد النكسات. ويحدث التصلب المتعدد المترقي الأولي عندما لا تهدأ الأعراض عموماً، وتبدأ بشكل تدريجي، وتتفاقم بشكل منتظم. بينما ينتج النوع المترقي الثانوي عن انتظام النوع الناكس الهاجع لاحقاً، وتحوله إلى مترقي.
يمكن أن يسبب التصلب المتعدد مجموعة من العوامل الوراثية، والمناعية، والبيئية. وينتشر حدوث المرض في الفترة العمرية ما بين 15-60 عاماً، على الرغم من احتمالية حدوثه في جميع الأعمار. كما يرتبط كل من العرق، والمناخ، وبعض أمراض المناعة الذاتية، والتدخين بخطر حدوث التصلب المتعدد بشكل أكثر حدة، وأكثر تدهوراً.
يمكن أن يسبب التصلب المتعدد مجموعة واسعة من الأعراض، ويمكن أن تؤثر على أي جزء في الجسم. تشمل الأعراض الأكثر شيوعاً التعب، ومشاكل الرؤية، والاخدرار والنخز، وتشنجات العضلات، والتيبس والضعف، ومشاكل في التفكير والتعلم، والتخطيط، والإكتئاب، بالإضافة إلى المشاكل الجنسية. يعاني معظم مرضى التصلب المتعدد من عدد قليل من هذه الأعراض.
في حين لا يوجد اختبار واحد يستطيع تشخيص التصلب المتعدد، تستخدم عدة وسائل لتحديد إصابة الشخص ، واستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لظهور الأعراض التي يعاني منها الشخص. وتشمل هذه الوسائل: معرفة التاريخ الطبي الشامل، والفحص العصبي الكامل الذي يتضمن البحث عن تشوهات، أو تغييرات، أو ضعف في الرؤية، أو حركة العين، بالإضافة إلى فحوصات أخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، وفحص الجهد المحرض، وتحليل السائل النخاعي.
يركز علاج التصلب المتعدد على السيطرة على الأعراض بدلاً من علاج المرض، لعدم التوصل إلى علاج مؤكد له حتى الآن. فتعمل هذه العلاجات على الحد من التعب، وعلاج النكسات بأدوية الستيرويد، واستخدام العلاج المعدل لمسار المرض للحد من عدد النكسات. ويعاني بعض مرضى التصلب المتعدد من أعراض طفيفة لا يلزمها العلاج.
تنتج مضاعفات التصلب المتعدد عن الأعراض الأولية التي تحولت إلى ثانوية ومن الأمثلة على ذلك، يُعدُّ الخلل في وظيفة المثانة عرضاً أولياً لكنه يمكن أن يؤدي إلى التهابات مسالك بولية متكررة. بينما يجدر الإشارة إلى أن الأعراض الثالثية هي مضاعفات ذات تأثير أعلى على حياة الفرد مثل الاكتئاب.
لا يوجد سبيل للوقاية من حدوث التصلب المتعدد. ومع ذلك، تظهر مراجعة حديثة أن زيادة مستويات فيتامين (د)، وتجنب التدخين يحد بشكل كبير من خطر التصلب المتعدد، كما يؤثر على تفاقم المرض.
وقد وفرت السنوات العشرين الماضية تحسناً كبيراً لنوعية حياة الأشخاص الذين يعانون من التصلب المتعدد. نادراً ما يسبب المرض الوفاة، ولكن تؤدي مضاعفات الحالات الشديدة عادة إلى الموت بسبب مشاكل مثل: مشاكل في التنفس، أو الالتهابات الكلوية.
وقد ارتفع العدد التقديري للأشخاص الذين يعانون من التصلب المتعدد في العالم إلى 2.3 مليون نسمة، ليتفاوت معدل الانتشار بشكل كبير، حيث توجد مستويات عالية في أمريكا الشمالية وأوروبا ومعدلات منخفضة في شرق آسيا والدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، كما نشر في "أطلس التصلب المتعدد" الذي يصدره الاتحاد الدولي للتصلب المتعدد.
.
التصلب المتعدد هو حالة مرضية طويلة الأمد يمكن أن تسبب عجزاً خطيراً في الجهاز العصبي المركزي المتمثل بالدماغ والحبل الشوكي. ويُعتقد أن مرض التصلب المتعدد من أمراض المناعة الذاتية التي يهاجم فيها جهاز مناعة الجسم الغشاء المغلف لليف العصبي المسمى ميالين. يشكل الميالين التالف نسيجاً ندبياً أو متصلباً، والذي سمي المرض بناءً عليه. يسبب تلف أو تدمير أي جزء من الميالين، أو الألياف العصبية خللاً وتقطعاً في انتقال التدفع العصبي من وإلى الدماغ والحبل الشوكي، ما يؤدي إلى مجموعة واسعة من الأعراض
يختلف تأثير التصلب المتعدد من شخص لآخر، قد يبدأ عبر النكسات الفردية وهي نوبات من أعراض جديدة أو متفاقمة، أو عبر الترقي التدريجي، وهو سوء حالة المريض تدريجياً. ويقسم التصلب المتعدد إلى مساقات: التصلب المتعدد الناكس الهاجع، والمترقي الأولي، والمترقي الثانوي.
يصيب النوع الناكس الهاجع معظم مرضى التصلب المتعدد، ويعاني فيه المريض من نكسات تمتد لأيام أو أسابيع أو حتى أشهر، ويتبعها عادة تحسن جزئي أو كلي في ما يسمى بفترة السكون أو الهدوء لنفس طول الفترة الزمنية التي استغرقتها النكسات وأحياناً تصل إلى سنوات.
يسبب التصلب المتعدد المترقي الثانوي تراكماً مستمراً في العجز بعيداً عن أي نكسات. وسمي بالثانوي لأنَّ بدء الترقي في العجز حصل ثانياً بعد مرحلة من النوع الناكس الهاجع، واستخدمت كلمة المترقي لوصف التغير نحو المزيد من العجز. وتختلف معدلات الترقي بشكل كبير، ومع ذلك، في حالات نادرة، يمكن تشخيص المترقي الثانوي منذ البداية؛ لأن حالاتهم المرضية شهدت نكسات في الماضي ولكنها كانت طفيفة أو ليست ذات أهمية.
ويرافق هذا النوع الفرعي أعراض مترقية تدريجية ثابتة منذ البداية، دون أي نكسات. ويتم عادة تشخيص هذا النوع من مرض التصلب المتعدد في أعمار أكبر من متوسط أعمار التصلب المتعدد الناكس الهاجع.
يطلق مصطلح المتلازمة السريرية المعزولة على النوبة الأولى من زوال الميالين الالتهابي في الجهاز العصبي المركزي، والتي قد تستمر لتسبب التصلب المتعدد في حالة النشاط الإضافي.
يبقى السبب الدقيق وراء حدوث التصلب المتعدد غير معروف، ويعتقد العلماء أنَّ تفاعلاً بين مجموعة من العوامل الجينية والمناعية والبيئية يساهم في حدوثه. ويسرع معرفة سبب التصلب المتعدد من عملية إيجاد طرق أكثر فعالية لعلاجه، أو حتى منع حدوثه في المقام الأول.
العوامل المناعية
يحدث التصلب المتعدد نتيجة حالة مناعية ذاتية يهاجم فيها الجهاز المناعي بشكل شاذ غلاف الميالين المحيط بالألياف العصبية في الجهاز العصبي المركزي، وكذلك الألياف العصبية نفسها لأسباب غير معروفة. تؤدي هذه الهجمات إلى التهاب يسبب تلفاً أو تغييراً شاذاً في أجزاء صغيرة من غمد الميالين تدعى الآفات، ما قد يعطل الرسائل المنتقلة على طول الأعصاب. ويبقى هناك حاجة إلى مزيد من البحث للحصول على توضيح أعمق للسبب الدقيق وراء هذا المرض.
لا يعد التصلب المتعدد موروثاً بشكل مباشر، مع ذلك يزيد خطر الإصابة به بشكل واضح عند وجود قريب من الدرجة الأولى مثل أحد الوالدين أو شقيق مصاب بالتصلب المتعدد. ولم يتم التوصل لجينة محددة تسبب المرض، ولكن أظهر بعض الباحثين وجود بعض الجينات التي تزيد من خطر ظهوره خصوصاً عندما يتزامن ذلك مع وجود العوامل البيئية المحفزة.
يقل معدل الإصابة بالتصلب المتعدد في المناطق الاستوائية من العالم عنه في المناطق الجنوبية والشمالية، بغض النظر عن الخلفيات العرقية. وتضم البلدان التي يشيع فيها المرض: كندا، وشمال الولايات المتحدة، ونيوزيلندا، وجنوب شرق أستراليا، وأوروبا. ويلاحظ بعد هذه البلدان عن خط الاستواء، ما يعني أنها أقل عرضة لأشعة الشمس، ومستويات فيتامين (د).
يرتبط العديد من الفيروسات، والبكتيريا، والمكروبات الأخرى بمرض التصلب المتعدد مثل فيروس إيبشتاين-بار المسبب الأكثر شيوعاً للحمى الغديّة، ومتدثرة النزلة الصدرية المسببة للنوع الطفيف من النزلة الصدرية، أو التهاب الشعب الهوائية لدى المراهقين والبالغين الصغار. مع ذلك لم يثبت أي منها نهائياً مسؤوليته على إحداث التصلب المتعدد، فقد تعرض معظم الناس لمثل هذه الإصابات مرة واحدة على الأقل في حياتهم، وبالتالي فهي ليست سبباً مباشراً له.
قد تزيد هذه العوامل من خطر الإصابة بالتصلب المتعدد:
يمكن أن يحدث التصلب المتعدد في أي عمر، مع ذلك يعد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 60 عاماً الأكثر عرضةً له.
يشكل احتمال حدوث المرض عند النساء ضعف نسبة حدوثه عند الرجال.
يملك السكان الآسيويين، أو الأفارقة، أو شعوب أمريكا الأصليين، أقل خطراً للإصابة بالتصلب المتعدد. بينما يملك البيض، ولا سيما السكان المنحدرون من شمال أوروبا، الخطر الأكبر للإصابة.
قد يزيد قليلاً وجود مرض مناعي معين مثل: مرض الغدة الدرقية، أو داء السكري من النوع الأول، أو داء الأمعاء الالتهابي من خطر الإصابة بالتصلب المتعدد.
أظهرت الدراسات أنَّ التدخين يزيد من خطر إصابة الشخص بالتصلب المتعدد بمقدار الضعف، ويرتبط التدخين بوجود أعراض أشد وأسرع في تدهور المرض، ربما بسبب المواد الكيميائية الموجودة في السجائر. بالإضافة إلى ذلك، يرتفع خطر الإصابة عند المدخن السلبي، الذي يعيش في وسط يضم أشخاص مدخنين.
تظهر الدراسات أنَّ الشخص الذي يعاني من السمنة، أو فرط الوزن أكثر ارتباطاً بالتصلب المتعدد. وقد يعود ذلك لعدة أسباب محتملة هي: انخفاض مستويات فيتامين "د" لدى من يعاني من السمنة، وارتفاع خطر إصابته بأمراض المناعة الذاتية. ويبقى هناك المزيد من الأسباب المحتملة وراء حدوث التصلب المتعدد التي تحتاج للمزيد من الفهم والتوضيح.
التصلب المتعدد هو مرض التهابي مزيل للميالين في الجهاز العصبي المركزي، ويعد الميالين الغمد المحيط بالألياف العصبية والمسؤول عن حمايتها، بالإضافة إلى تسهيل مرور الإشارات الكهربائية من الدماغ إلى بقية الجسم. يحدث المرض عندما يقوم جهاز المناعة بمهاجمة الميالين ما يؤدي إلى زوال طبقة الميالين مع الحفاظ النسبي على المحاور العصبية. وقد تتضمن بعض الحالات إصابة المحاور العصبية أيضاً. ويحدد موقع الآفات عادة نوع العجز السريري الناتج.
تؤدي الهجمات إلى التهاب غمد الميالين، يليه تشكل آفات صغيرة، بالإضافة إلى حدوث تقطع في وظيفة الألياف العصبية ما ينتج عنه أعراض وعلامات التصلب المتعدد.
يبدأ تشكيل الآفة بانهيار الحائل الدموي الدماغي، وهو مجموعة من الخلايا تشكل جدران شعيرات الدماغ التي توقف الانتشار الحر لمواد الدم إلى الدماغ. ويعتقد أن الخلايا الالتهابية، وخاصة الخلايا الليمفاوية، والبلاعم قادرة على اختراق الحائل الدموي الدماغي بسبب الوجود المعزز لجزيئات الالتصاق على سطح هذه الخلايا.
يرتبط وجود خلايا البلازما الراشحة التي تنتج الأضداد بكميات متفاوتة بوجود آفات التصلب المتعدد. ويحدث التعافي من الأعراض خلال فترة الهدوء بسبب عودة الميالين، بينما قد يحدث أحياناً بسبب لدونة الجهاز العصبي، وهو قدرة الجهاز العصبي على بناء وصلات جديدة.
تختلف علامات وأعراض التصلب المتعدد اختلافاً كبيراً من شخص لآخر، ويمكن أن تتغير وتتبدل أعراض نفس الشخص مع مرور الوقت اعتماداً على موقع الألياف العصبية المتأثرة. فلا تستطيع أن تجد مرضى لديهم أعراض متطابقة حيث إنَّها غير متوقعة، ومتغيرة. وتشمل الأعراض الشائعة مايلي:
تحدث مشاكل الرؤية المصاحبة للتصلب المتعدد عادة لعين واحدة في وقت واحد، وتشمل: تغيم أو ضبابية الرؤية والتي تعني فقدان حدة الرؤية، وعدم القدرة على رؤية التفاصيل الدقيقة، وضعف التباين، والرؤية المزدوجة لفترات مطولة، وعوز الرؤية اللونية، وفقدان جزئي أو كلي للرؤية. وغالباً ما ينطوي على ألم في العين أثناء حركة العين، وتمثل مشاكل الرؤية عادة الأعراض الأولى للتصلب المتعدد عند معظم الأشخاص.
يشمل قصور الإدراك الحسي فقدان الشعور في الأطراف وغيرها من المناطق. كما يمكن أن تشمل الإحساس بالنخز، وتنمل الجلد، والاخدرار أو الضيق، وأحياناً الألم. ويمكن أن يشعر بالمريض أيضاً بدفعة كهربائية تنتشر من الرقبة إلى أسفل العمود الفقري عندما يثني الرأس نحو الصدر، والتي تعرف باسم "علامة ليرميت". كما تتضمن "علامة أوتهوف" اضطرابات بصرية في الغالب، بالإضافة إلى الأعراض الحركية أو الحسية.
يشيع حدوث متلازمات الألم عند المصابين بالتصلب المتعدد وغالباً ما توصف بأنَّها شعور بطعن، أو حرقة، أو وخز. ويحدث نوعان رئيسيان من الألم، هما: الاعتلالي العصبي، والعضلي الهيكلي. ويحدث الألم الاعتلالي العصبي بسبب تلف الجهاز العصبي الناتج من المرض مباشرة، ويمكن وصف الأدوية المناسبة لعلاجه. بينما يعالج مرضى النوع الأخير عند المعالج الطبيعي، لتخفيف آلام الظهر، والرقبة، والمفاصل التي يمكن أن يسببها التصلب المتعدد بشكل غير مباشر، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لديهم مشاكل في الحركة تزيد الحمل أسفل الظهر، أو الوركين.
هو حركة نظمية ارتعاشية، أو اهتزازية لا يمكن السيطرة عليها، تحدث بسبب آفات في منطقة الدماغ المسؤولة عن التوازن وتنسيق الحركة التي تسمى المخيخ. تختلف درجة الرعاش من طفيفة لا يمكن ملاحظتها، إلى موهنة تماماً. ويمكن تصنيفها إلى رعاش قصدي يحدث أثناء الحركة، ورعاش وضعي يحدث عند محاولة اتخاذ وضعية مثل الجلوس، ورعاش الراحة الذي يحدث عند السكون أو الارتياح. ويُعدُّ الرعاش القصدي أكثر أنواع الرعاش شيوعاً عند مرضى التصلب المتعدد، ويزداد سوءاً عند محاولة المريض الإمساك أوالوصول إلى هدف معين.
يعود ذلك إلى عدة عوامل منها الضعف، وفرط التوتر التشنجي الذي ينتج عن انقطاع إشارات الدماغ ما يؤدي إلى بقاء العضلات مقصرة ومتقلصة وهي أكثر شيوعاً في الساقين. وعلاوة على ذلك، تنتج هذه الصعوبات بسبب فقدان التوازن، والتشنجات التي تشبه فرط التوتر التشنجي مع حدوث التقلص والاسترخاء بشكل مفاجئ.
يشكل التعب الشديد، والشعور بالإرهاق واحداً من أكثر أعراض التصلب المتعدد شيوعاً، والتي تؤثر بشكل كبير على حياة المصاب ما يجعل من الصعب عليه آداء أبسط أنشطة الحياة اليومية.
تمثل الدوخة أكثر أعراض التصلب المتعدد شيوعاً، وهي فقدان الشخص للتوازن، والشعور بخفة الرأس. بينما يكون الدوار بدرجة أقل، مع شعور المريض بأنَّ جسمه يدور، أو المحيط يدور من حوله. وقد تكون مشاكل التوازن قصيرة الأجل أو قد تستمر لفترة أطول، مع عدم وجود أدوية محددة لعلاج المشكلة. كما ينبغي استبعاد الظروف الأخرى التي تسبب فقدان التوازن، مثل التهاب الأذن الداخلية.
تشير إلى مجموعة من وظائف الدماغ عالية المستوى التي تحدث تقريباً في نصف الناس الذين يعانون من التصلب المتعدد، وتشمل التغييرات المعرفية: وجود مشاكل في تذكر وتعلم أشياء جديدة، ومعالجة المعلومات، وحل المشكلات، والتعبير، والتركيز. تظهر هذه الأعراض خلال النكسات، وتتراوح من طفيفة إلى سيئة.
يسبب وجود خلل في وظيفة المثانة مجموعة من الأعراض الأكثر شيوعاً عند مرضى التصلب المتعدد مثل: زيادة عدد مرات التبول عن الطبيعي، وكثرة التبول ليلاً، والشعور بحاجة مفاجئة للتبول بشكل ملحّ، ما قد يؤدي إلى التبول اللاشعوري، بالإضافة إلى صعوبة إفراغ المثانة بشكل كامل، والتهابات المسالك البولية بشكل متكرر.
كما يعد الإمساك أكثر مشاكل الأمعاء شيوعاً عند مرضى التصلب المتعدد، حيث يكون خروج البراز أقل كثيراً من المعتاد. وقد يكون الأمر مغايراً، فيفقد المريض السيطرة على فتحة الشرج المعروف بالسلس، وكلاهما مرتبطان ولكنهما لا يؤديان بالضرورة إلى بعضهما البعض.
يؤثر التصلب المتعدد على النواحي العملية والعاطفية للجماع، لكل من الرجال والنساء. يمكن أن تتأثر الاستجابات الجنسية نتيجة التلف في الجهاز العصبي المركزي المرتبط بالتصلب المتعدد بشكل مباشر، أو نتيجة الأعراض المصاحبة، مثل: التعب وفرط التوتر التشنجي.
يمثل الاكتئاب السريري، وهو أشد أشكال الاكتئاب، واحداً من أكثر أعراض التصلب المتعدد شيوعاً. وقد ينتج مباشرة من المرض نفسه، أو نتيجة توتر المريض بسبب حاجته إلى العيش مع حالة مزمنة، أو كليهما.
تُسمى مشاكل البلع أيضاً عسر البلع، وتشمل وجود صعوبة في مضغ الطعام، أو الشَرَق عند الأكل والشرب الناتج عن تلف الأعصاب المسيطرة على العديد من عضلات الفم والحلق الصغيرة. يمكن أن تنشأ اضطرابات الكلام عادةً في وقت لاحق من مسار المرض خصوصاً خلال فترات التعب الشديد. وهي تشمل تداخل الكلام بسبب ضعف، أو عدم التنسيق في العضلات المستخدمة في الكلام وتسمى هذ الحالة الرُتَّة أو عسر التلفظ التي يمكن أن تحدث خلال أي مرحلة ولكن يشيع حدوثها خلال المراحل المتأخرة. يمكن أيضاً أن تظهر التأتأة على مرضى التصلب المتعدد.
يعدُّ تشخيص التصلب المتعدد تحدياً إذ لا توجد أعراض، أو نتائج بدنية، أو فحوصات مخبرية يمكن أن تؤكد وجود التصلب المتعدد. بدلا من ذلك، يعتمد تشخيص التصلب المتعدد غالباً على استبعاد الحالات الأخرى التي لها علامات وأعراض مماثلة، ويعرف هذا باسم التشخيص التفريقي.
يمثل طبيب الجهاز العصبي الشخص الوحيد القادر على إجراء التشخيص الذي يبدأ عادة بأخذ تاريخ طبي شامل وفحص عصبي كامل، والذي يهدف إلى البحث عن التشوهات، أو تغييرات أو ضعف في الرؤية، وفحص حركات العين، وقوة اليد أو الساق، والقدرة على التوازن والتنسيق، بالإضافة إلى الكلام وردود الفعل.
يستخدم طبيب الأعصاب في حالة الاشتباه بقوة بوجود التصلب المتعدد فحوصات أخرى لتأكيد ذلك، تتضمن ما يلي:
تساعد فحوصات الدم في استثناء الحالات الأخرى التي تسبب إزالة الميالين في الجهاز العصبي المركزي مع أعراض مشابهة للتصلب المتعدد مثل الالتهابات الفيروسية، والآثار الجانبية للتعرض الشديد لبعض المواد السامة، ونقص الشديد لفيتامين "ب 12"، ووجود أمراض المناعة الذاتية المعروفة باسم داء الوعائي الكولاجيني.
يتضمن هذا الإجراء أخذ عينة من السائل النخاعي، الذي يتدفق حول الدماغ والحبل الشوكي، لفحص التغيرات. يمكن أن تساعد هذه التشوهات في تشخيص التصلب المتعدد، أو استبعاد حالات أخرى لها أعراض مماثلة.
يمثل الطريقة الأكثر حساسية والأقل بضعاً لتصوير الدماغ والحبل الشوكي. فيكشف أي آفات أو تندب في غمد الميالين المحيط بالأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي، ما يوفر تأكيداً لوجود التصلب المتعدد في معظم الأشخاص.
وهو اختبار كهربائي يقيس الوقت اللازم لاستجابة الجهاز العصبي لمنبهات عبر وضع مسرى كهربي صغير على الرأس يقوم بتسجيل الوقت الذي تستغرقه الرسائل للانتقال من وإلى الدماغ، ويكون أبطأ عند وجود تلف بالميالين. وتُعدُّ المنبهات البصرية الأكثر شيوعاً في عملية التشخيص، والتي تُقيم مدى كفاءة العينين.
وعادة ما يتم تشخيص الأشخاص الذين يعانون من نوع التصلب المتعدد الناكس الهاجع بسهولة أكبر استناداً إلى الأعراض النمطية، ويمكن أيضا تأكيده من خلال فحوصات أخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي. بينما قد يكون التشخيص أكثر صعوبة، وقد يستغرق بضع سنوات في شخص مع أعراض غير عادية، أو أنواع مترقية من التصلب المتعدد بسبب بطء تدهور الحالة.
لا يوجد علاج للتصلب المتعدد حتى هذا الوقت. تساعد العلاجات عادة في السيطرة على الأعراض، وتسريع الشفاء من النكسات، وتقليل عدد النكسات. يعتمد العلاج على نوع وشدة الأعراض، بالإضافة إلى الصعوبات الموجودة عند المريض. وقد تشمل:
يتم التحكم في الهجمات أو النكسات من خلال ما يلي:
هي عقاقير مضادة للالتهابات تعمل على الحد من التهاب الأعصاب. عادة ما يستخدم مرضى الحالات الشديدة من التصلب المتعدد دورة لمدة ثلاثة إلى خمسة أيام من حقن الستيرويد تعطى في المستشفى مثل ميثيلبرديسولون، أو دورة لمدة خمسة أيام من الستيرويد عن طريق الفم في المنزل مثل بريدنيزون. وتوصف الستيرويدات لتسريع الشفاء من النكسات، لكنَّها لا يمكن أن تُوقف حدوثها مستقبلاً، أو أن تمنع تدهور المرض.
ويسمى أيضاً فصادة البلازما، حيث يتم ترشيح الجزء السائل من الدم المسمى بلازما من خلايا الدم باستخدام التنبيذ أو الطرد المركزي، الذي يستخدم اختلاف الثقل النوعي لفصل مكونات الدم، أو عبر أغشية نصف نافذة تفصل المواد بناءً على اختلاف الأحجام. ثم يتم في وقت لاحق خلط خلايا الدم التي تم جمعها مع محلول بروتين الألبومين، لتعاد مرة أخرى إلى الجسم. ويمكن استخدام تبادل البلازما للأعراض الجديدة أو الشديدة، وعلاج النكسات التي لا تستجيب للستيرويدات.
يمكن تقليل بعض الأعراض أو التحكم بها عبر عدة طرق، كما هو موضح أدناه:
يمكن أن يحسن العلاج الفيزيائي من الكثير من الأعراض عند مرضى التصلب المتعدد مثل: تشنجات العضلات وفرط التوتر التشنجي، والتعب، والضعف، ومشاكل التوازن، والمشية أو الحركة، والدوخة. يتألف العلاج الفيزيائي من التمارين مثل: تمارين الشد والتقوية. ويمكن أن تساعد مجموعة من التمارين الخاصة التي تسمى بالتأهيل الدهليزي في حل مشاكل التوازن. ويتم كل ذلك بناء على تقييم، وتوصيات المعالجين المهنيين.
تساعد هذه الأدوية على إرخاء أي تشنجات عضلية، أو تيبس خاصة في الساقين، ويمكن وصفه مثل باكلوفين، أو غابابنتين، أو تيزانيدين، أو الديازيبام.
يمكن وصف الأدوية مثل أمانتادين لعلاج أحد أكثر أعراض التصلب المتعدد شيوعاً وهو التعب، وعادة ما تستخدم هذه الأدوية بالتزامن مع بعض التدابير العلاجية الأخرى بما في ذلك التمارين، والحفاظ على أنماط النوم الصحية، وتجنب الأدوية المعززة لحدوث التعب مثل مسكنات الألم.
فيما يلي بعض الأدوية المستخدمة للمساعدة في السيطرة على الأعراض الشائعة للتصلب المتعدد:
تستخدم هذه الأدوية لتقليل عدد وشدة النكسات، ولا تعد هذه العلاجات مناسبة لجميع مرضى التصلب المتعدد، لأنَّها توصف فقط لأولئك الذين يعانون من نكسات مثل الموجودة في نوع التصلب المتعدد الناكس الهاجع، بالإضافة إلى النمط المترقي المصحوب بحدوث نكسات على النحو الآتي:
تتوفر العديد من العلاجات المعدلة لمسار التصلب المتعدد الناكس الهاجع، وتشمل خيارات العلاج:
تشكل هذه الأدوية أكثر أنواع الأدوية الموصوفة شيوعاً لعلاج التصلب المتعدد. فيتم حقنها تحت الجلد أو في العضلات من أجل الحد من تكرر، وشدة النكسات. قد يحفز هذا الدواء إنتاج الأضداد المستعدلة، التي يمكن أن تقلل من فعالية الدواء.
يتم حقن هذا الدواء مباشرة تحت الجلد، والذي قد يمنع مهاجمة الجهاز المناعي للميالين.
يؤخذ هذا الدواء على شكل قرص يؤخذ مرة واحدة في اليوم، ويستخدم عند حدوث نكسة حديثة، أو/ و إذا ثبت وجود المرض بتصوير الرنين المغناطيسي. يمكن أن يسبب تيريفلونومايد تلفاً للكبد، وفقدان للشعر، وآثار جانبية أخرى. ولا ينبغي أن يستخدم أثناء الحمل، أو عندما لا تستخدم وسائل منع الحمل المناسبة من قبل الشريكين.
يتم حقنه في الوريد مرة واحدة كل 28 يوماً لوقف خطر مهاجمة الخلايا المناعية المنتقلة من مجرى الدم إلى الدماغ والحبل الشوكي. يزيد هذا الدواء من خطر العدوى الفيروسية للدماغ المسمى اعتلال بيضاء الدماغ العديد البؤر المترقي عند بعض المرضى. ويستخدم ناتاليزوماب كخط علاجي أول لمرضى الحالات الشديدة أو سريعة التدهور من التصلب المتعدد، أو في حالة المرضى الذين يعانون من اثنين أو أكثر من النكسات الحادة بالتزامن مع تصوير بالرنين المغاناطيسي يؤكد تفاقم المرض.
يستخدم هذا الدواء مرةً واحدةً كلَّ يوم عن طريق الفم، ليقلل من معدل النكسات عندما تفشل الأدوية الأخرى في ذلك، أو عندما تزيد تلك الأدوية من النكسات.
ويحتاج المريض لتتبع معدل ضربات القلب لمدة ست ساعات بعد الجرعة الأولى؛ لأنَّ ضربات القلب قد تتباطأ.
تنتج مضاعفات التصلب المتعدد عن الأعراض الأولية، فتمثل المضاعفات أعراضاً ثانوية للمرض ومن الأمثلة على ذلك مايلي:
قد يؤدي تفاقم المرض إلى أعراض خطيرة مع تأثير أكبر، وتدعى الأعراض الثالثية، والتي تشمل:
لم يتم التطرق بعد إلى تدابير معينة يمكنها أن تمنع ظهور التصلب المتعدد، مع ذلك، كشفت مراجعة نشرت في " مراجعات طبيعة طب الأعصاب" وجود ارتباطات بين التصلب المتعدد، والعوامل البيئية ونمط الحياة والعوامل الغذائية. فيعد كل من فيتامين "د"، و تدخين السجائر من العوامل المؤثرة، فيؤدي ارتفاع مستوى الفيتامين، والإقلاع عن التدخين إلى تقليل خطر حدوث وتفاقم التصلب المتعدد بشكل جوهري. والجدير بالذكر أنّ الفهم الراسخ للعوامل البيئية التي ينطوي عليها التصلب المتعدد يساهم في إيجاد نهج جديد وأكثر فعالية للوقاية من المرض.
يتفاوت نوع، ومدة، وشدة، وتأثير الأعراض من شخص لآخر. فيعد من الصعب جداً في الواقع التنبؤ بمسار التصلب المتعدد. فقد يعاني بعض مرضى التصلب المتعدد لفترات طويلة مع أعراض قليلة أو معدومة، بينما يواجه بعض المرضى مشاكل أكثر تكراراً أو استمرارية.
ومع ذلك، فقد طورت العلاجات على مدى السنوات العشرين الماضية إلى حد كبير من نوعية الحياة التي يعيشها مرضى التصلب المتعدد.
تُعدُّ الوفيات نادرة بين المرضى، ولكن تؤدي مضاعفات الحالات الشديدة عادةً إلى الوفاة، مثل: مشاكل في التنفس أو الالتهابات الكلوية.
وفقاً لخدمة الصحة الوطنية البريطانية، يقلُّ متوسط العمر المتوقع للأشخاص الذين يعانون من مرض التصلب العصبي المتعدد من 5 إلى 10 سنوات عن المتوسط، والذي يتناقص مع مرور الوقت.
وفقاً للتقديرات الموجودة في "أطلس التصلب المتعدد" الصادر عن الاتحاد الدولي للتصلب المتعدد، الذي يضم 124 بلداً في جميع أنحاء العالم، فقد ارتفع العدد المقدر للأشخاص الذين يعانون من التصلب المتعدد في العالم إلى 2.3 مليون نسمة، مع معدل انتشار يختلف اختلافاً كبيراً، من مستويات عالية في أمريكا الشمالية وأوروبا إلى معدلات منخفضة في شرق آسيا والدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى. وتحدث الإصابة عند النساء بمعدل مرتين ضعف الرجال، وقد تزيد هذه النسبة في بعض الدول لتصبح ثلاث مرات. يتم تشخيص معظم الأشخاص في الفترة العمرية ما بين 25 و 35 عاماً، مع وجود نسبة تتراوح بين 3 إلى 5 في المئة يتم تشخيصهم بالتصلب المتعدد في فترة الطفولة، ويمكن أن يحدث في الكثير من البالغين الأكبر سناً.