Register with us and take advantage of our distinguished services
مرض القلب التَّاجي
نبذة عن المرض

مرض القلب التاجي هو أحد أمراض القلب الوعائية وأكثرها انتشاراً وتسبُّباً بالوفاة، وهو ينجم عن تضيق الشرايين التاجية؛ تلك الأوعية الدموية التي تزود عضلة القلب بالدم الغني بالأكسجين والمواد المغذية.

وتعمل عدة عوامل، كالتدخين وارتفاع ضغط الدم والسكري، على إتلاف بطانة هذه الشرايين؛ وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام الكوليسترول وجسيمات أخرى للالتصاق بجدار الوعاء الدموي والتراكم، مؤدية إلى تكون اللويحات المُضَيِّقة للوعاء الدموي.

وإذا قَلَّ تدفق الدم المحمَّل بالأكسجين إلى عضلة القلب أو انقطع، قد تحدث الذبحة الصدرية أو النوبة القلبية. ومع الوقت قد يُضعِف المرض هذه العضلة ويؤدي إلى فشل القلب والاضطرابات النظمية في عمله. هذا ويعد مرض القلب التاجي المسبب الأول للوفاة عالمياً.

وإنّ مغالبة أي نوع من عدم الارتياح في الصدر يجب أنْ تدفع تجاه البحث عن المساعدة الطبية، والخضوع للفحوص التي تتحقق من مرض القلب التاجي، كمُخطّط كهربيّة القلب واختبار الجهد. وبالنسبة للمصابين بالمرض، فينبغي أنْ يحمِل الألم الحديث أو المتفاقم أو المستمر على مراجعة الطوارئ.

ويمكن للتغيرات في نمط الحياة وبعض الأدوية أنْ تساعد على التحكم بالمرض. وتتضمن التعديلات المطلوبة: النظام الغذائي الصحي، والحفاظ على النشاط البدني، والتمتع بوزن صحي، فضلاً عن الإقلاع عن التدخين وإدارة التوتر.

وبالعلاج المناسب والتابعة المستمرة، تكون النتائج الصحية العامة جيدة، ويتمكن حينها المصابون من عَيْش حياة ذات نوعية جيدة. وإنّ التيقظ المبكر لمرض القلب التاجي وتداعياته الحادة، كالنوبة القلبية، قد يدفع إلى الاضطلاع بإجراءات فعالة ودقيقة من شأنها حماية المصاب.

التعريف

مرض القلب التاجي هو مشكلة صحية رئيسة، تتراكم فيها مواد شحمية تُدعَى "اللوَيْحات" في الأوعية الدموية التي تغذي القلب بالدم الغني بالأكسجين (الشرايين التاجية) في عملية تُسمَّى "تصلب الشرايين"، التي تؤدي إلى تضيُّق هذه الأوعية وقلة مرونتها. وإذا حدث انفصال في هذه اللويحات فقد تتكون خثرة على سطحها، ويمكن لهذه الخثرة أنْ تتسبب بانقطاع جزئي أو كلي لتدفق الدم في الشريان المصاب، مسببةً نقص التروية أو النوبة القلبية. ويعمل كل من التضيُّق والانسداد الحاصلَيْن في الشريان على إطلاق الأعراض، والتسبب باعتلال القلب.

الأسباب

السبب المباشر للإصابة بمرض القلب التاجي هو تراكم التَّمَوْضُعات الدهنية المسماة بالعَصِيدة في جدران الشرايين التاجية. وتتشكل العصيدة أساساً من الكوليسترول وغيره من المواد الرُّكامية. ويتمخَّض عن تراكمها تضيق في الشرايين، وانحسار تدفق الدم إلى القلب. وتحدث هذه العملية بتأثير عوامل عدة يمكنها أنْ تتسبب بدمار الطبقة الداخلية الأعمق للشرايين التاجية. وتضم كلاً من:

  • ارتفاع مستويات الكوليسترول: يوفر ذلك المادة الخام لتكون اللويحات وتصلب الشرايين. ويمكن أنْ تحدث هذه المشكلة نتيجة ارتفاع مستوى البروتينات الشحمية منخفضة الكثافة "LDL" التي تُعرَف مجازاً بالكوليسترول الضار، أو بفعل انخفاض في مستوى البروتينات الشحمية مرتفعة الكثافة "HDL" المعروفة بالكوليسترول الجيد.
  • داء السكري: قد يسبب هذا المرض الأيضي زيادة في سماكة بطانة الشرايين، بشكل يمكنه الحؤول دون تدفق الدم بالشكل المطلوب ويضاعف خطر تطور مرض القلب التاجي. ويشترك كل من المرَضَيْن في عوامل خطر عدة، كالسمنة وارتفاع ضغط الدم.
  • التدخين: تشكل هذه العادة السيئة ضغطاً على القلب بجعله ينبض أسرع، كما تزيد خطر تكون الخثرات والتسبب بتلف بطانة الشرايين التاجية، مهيئةً إياها لحدوث تصلب الشرايين.
  • فرط ضغط الدم: قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم غير الخاضع للسيطرة إلى تصلب الشرايين وزيادة سُمكها، كما يجعل القلب يعمل بشكل أصعب أمام قوى مرتفعة، مؤدياً إلى مزيد من الضرر.
  • فرط الوزن والسُّمنة: ترتبط زيادة الوزن بعدد من الاعتلالات المرافقة، تتضمن أنواعاً عدة من مرض القلب. ويكون البدينون أكثر عرضة لتطور فرط ضغط الدم والسكري وتصلب الشرايين؛ وهي مشكلات تعمِّق خطر مرض القلب التاجي.
  • قلة النشاط البدني: الخمول وعدم ممارسة الرياضة يتعلقان أيضاً بمرض القلب التاجي وبعض العوامل التي ترفع خطر الإصابة به.
  • مستويات التوتر المرتفعة: تعد الحوادث الانفعالية المزعجة أكثر مثيرات النوبة القلبية المبلغ عنها. وقد يفاقم التوتر الدائم في الحياة عوامل خطر أخرى في الإصابة بمرض القلب التاجي، رافعاً بذلك من درجة الخطر.
  • انقطاع النَّفَس النومي: يسبب هذا الاضطراب توقفاً متكرراً في عملية التنفس أثناء النوم. ويزيد الانخفاض المفاجئ في مستويات أكسجين الدم الذي يحدث خلالها من ضغط الدم، ويجهد الجهاز القلبي الوعائي؛ ما يحتمل أنْ يؤدي إلى مرض القلب التاجي.
  • العمر: التقدم بالسن يرفع خطر تضرر الشرايين وتضيقها، متأثرةً بالعوامل الجينية ونمط الحياة. ويزداد خطر الإصابة بمرض القلب التاجي لدى الرجال بدءاً من عمر الخامسة والأربعين، فيما يبدأ بعد هذا العمر بعشر سنوات عند النساء.
  • الجنس: يتوفَّر الرجال على خطر أكبر للإصابة بمرض القلب التاجي، مقارنة بالنساء. مع ذلك يزداد الخطر لديهنَّ في سن اليأس، ويكُنَّ معرَّضات بشكل أكبر للوفاة بسببه حال الإصابة.
  • التاريخ العائلي: تسجيل الإصابة بمرض القلب في أفراد عائلة الشخص يرتبط بارتفاع خطر تطويره مرض القلب التاجي، خاصةً إنْ تم تشخيص إصابة الوالد أو الأخ قبل سنّ الخامسة والخمسين، أو إذا تطور المرض لدى الأم أو الأخت قبل بلوغهما سنّ الخامسة والستين.
  • فرط حساسية البروتين المتفاعِل -C (hs-CRP): البروتين المتفاعِل –C هو جزيء يتواجد طبيعياً في الجسم، وتزداد مستوياته لدى وجود التهاب. وقد تشكل المستويات المرتفعة من هذا المكوِّن عامل خطر في الإصابة بمرض القلب التاجي؛ حيث يلعب الالتهاب منخفض المستوى دوراً كبيراً في تضيق الأوعية الدموية بفعل تشجيعه تراكم الكوليسترول وغيره من الشحوم في جدرانها.
  •  ارتفاع مستوى الهوموسيستئين: يستخدم هذا الحمض الأميني من قبل الجسم لصناعة البروتين وبناء الأنسجة والحفاظ عليها، لكنَّ المستويات المرتفعة من الهوموسيستئين في الدم على علاقة بتصلب الشرايين وتكون الخثرات.
فيسولوجية المرض

المرحلة الأولى من مرض القلب التاجي هي تلف بطانة الوعاء الدموي واعتلالها، الذي يحفز تراكم البروتينات الشحمية منخفضة الكثافة "LDL" وتأكسدها في جدار الشريان. وتُغادِر الوحيدات (نوع من خلايا الدم البيضاء) مجرى الدم إلى الطبقة تحت البطانيَّة، وتتحول إلى خلايا بالعة تعمل على مراكمة الشحوم، لتُشكِّل محوراً شحمياً من اللويحات التصلُّبية العَصِيدية.

وتعتبر العمليات الالتهابية والخُثارية أساساً لتكون الآفة التصلُّبية العَصِيدية، ويشجِّع إنتاج الوسائط الالتهابية والسيتوكينات على هجرة وتكاثر الخلايا العضلية الملساء في بطانة الشريان، وتموضع جزيئات الوسط خارج الخلوي مثل الإيلاستين والكولاجين؛ ما قد يؤدي لتمدُّد اللويحات وتكون الغطاء الليفي، الذي قد يَضعُف وينفصل في نهاية المطاف.

وقد يسبب انفصال اللويحة تطوراً مستمراً في الآفة التصلُّبية العَصِيدية، محفزاً تكون خثرات إضافية، وإطلاق المزيد من الوسائط الالتهابية؛ ما يؤدي لاستمرار تضيق تجويف الشريان. ومن النتائج الأكثر قسوة لانفصال اللويحة هو الانسداد الشرياني، الذي قد يؤول إلى الإصابة باحتشاء عضلة القلب، المُهدِّد للحياة.

العلامات والأعراض

في العادة، يستغرق تطور مرض القلب التاجي عدة سنوات قبل ملاحظة أيٍّ من الأعراض والعلامات الدالة على الإصابة به. وقد تبدأ الشكوى المَرَضِيَّة تحت تأثير نقص التروية، التي ينحسر فيها تدفق الدم - وبالتالي الأكسجين - إلى عضلة القلب. وتمثل الذبحة الصدرية العَرَض الأبرز لذلك؛ وهي عبارة عن شعور بالضغط أو الضيق أو العصر الشديد في الصدر، ويكون عادةً في منتصفه أو في شقه الأيسر. وفي الغالب، تُسْتَثَار الذبحة الصدرية لدى بذل مجهود بدني أو عاطفي، وتذهب عادةً خلال دقائق من إيقاف الحادث المُجهِد، بينما توجد أنواع أخرى منها، مفصلة في الجدول التالي:

النوع

النَّمَط

المحفزات

المعالجة

الذبحة الصدرية المستقرة

منتظم (تحدث في ذات الوقت، وبنفس الشِّدة والمحفزات).

الإجهاد البدني أو النفسي.

تذهب عادةً بعد دقائق قليلة من الراحة أو تناول دواء نِتْروغليسيرين.

الذبحة الصدرية اللّامستقرة

- يكون الألم أشد وأكثر تكراراً.

- تحدث بشكل غير متوقع.

- الراحة والدواء قد لا يخفّفان وطأتها.

 

تحدث مع الإجهاد أو بدونه.

- تعتبر علامة خطيرةً على نوبة قلبية قادمة.

- قد تتطلب إجراءاتٍ طبية وجراحية إنْ لم تكفِ أنماط الحياة الصحية في علاجها.

الذبحة الصدرية المتفاوتة

- تحدث عادةً خلال أوقات الراحة، بين منتصف الليل والصباح الباكر.

- تصيب في الغالب الأشخاص الأصغر سناً.

تشنج حاصل في الشريان التاجي يحفِّزُهُ عادةً: التوتر، الجو البارد، الكافيين، والتدخين.

يمكن أنْ تساعد بعض الأدوية (مُنَاهِضَات الكالسيوم، والنترات) على إسعاف الألم.

الذبحة الصدرية الوعائية الدقيقة

أشد أنواع الذبحة الصدرية، وأطولها.

تشنُّجات في جدران الشرايين التاجية الدقيقة جداً.

قد لا يُسعِف الدواء في إزالة الألم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وبعض المصابين بمرض القلب التاجي لا يختبرون أعراضاً وعلامات فيما يُدعَى بمرض القلب التاجي الصامت. ويمكن ألّا يتم تشخيص المرض حتى يعاني المصاب من أعراض النوبة القلبية أو فشل القلب أو اضطراباته النَّظْمية. وتحدث النوبة القلبية مع انسداد الشريان التاجي بشكل كامل، وتمكن ملاحظتها من خلال الشعور بالضغط الشديد والحاد في منتصف الصدر، والألم في الكتف أو الذارع، وأحياناً عبر ضيق النَّفَس والتعرق والغثيان.

التشخيص

بعد أخذ التاريخ الطبي والخضوع للفحص السريري، قد يوعِز الطبيب بإجراء واحد أو أكثر من الاختبارات التشخيصية التالية؛ بغرض التحقق من الإصابة بمرض القلب التاجي أو تأكيدها.

  • مُخطّط كهربيّة القلب (ECG): هو اختبار بسيط وغير مؤلم يَلتقِط ويسجل نشاط القلب الكهربائي. ويُظهِر الاختبار معدل ضربات القلب ودرجة انتظامها، كما يمكنه الكشف عن علامات الاعتلال بفعل مرض القلب التاجي، وعلامات الإصابات السابقة أو الحالية بالنوبة القلبية.
  • مُخطّط صدى القلب (Echocardiogram): تُستخدَم هاهنا موجات صوتية لإنتاج صور للقلب. ويمكن للطبيب خلال الاختبار أنْ يحدد إنْ كانت جميع أجزاء جدار القلب تساهم بشكل طبيعي في عملية ضخ الدم. وقد تكون الأجزاء الضعيفة قد تدمرت أثناء النوبة القلبية، أو مع تلقِّيها حصصاً منخفضة من الأكسجين. وقد يشير ذلك إلى الإصابة بمرض القلب التاجي أو غيره من الحالات.
  • اختبار الجهد: يُقيِّم هذا الاختبار أداء القلب خلال النشاط البدني؛ حيث يحتاج هذا العضو كميات أكبر من الدم والأكسجين عندما يعمل بجِدّ أو ينبض بسرعة، فيما لا تتمكن الشرايين المتضيقة بفعل تراكم اللويحات من إيصال هذه الحاجات كما ينبغي. وخلال الاختبار في العيادة، تؤخَذ قراءات عدة بينما يقوم الشخص بالتمرُّن، أو بعد إعطائه دواءً مسرِّعاً لضربات القلب إذا كان عاجزاً عن ممارسة التمارين. ومن بين العلامات والأعراض التي تتكشّف في حال الإصابة بمرض القلب التاجي: ضيق النَّفَس، ألم الصدر، والتغيرات غير الطبيعية في سرعة ضربات القلب أو نظمه أو نشاطه الكهربائي.
  • التصوير بالأشعة السينية: تأخُذ هذه الأشعة صوراً للأعضاء والتراكيب داخل الصدر، مثل القلب والرئة والأوعية الدموية، كما يمكنها إظهار علامات فشل القلب والاضطرابات الرئوية وغيرها من مسببات أعراض لا علاقة لها بمرض القلب التاجي.
  • اختبارات الدم: تقف هذه الاختبارات عند مستويات الدهون والكوليسترول والسكّر والبروتينات في الدم. وقد تشير المستويات غير الطبيعية إلى أنّ الشخص في دائرة خطر الإصابة بمرض القلب التاجي أو أنّه مصاب به فعلياً. وقد يستخدم اختبار فرط حساسية البروتين التفاعلي –C بالتوالف مع اختبار مستويات الدهون في الدم أو غيره من مؤشرات الخطر القلبي، مثل اختبار فسفوليباز البروتين الشحمي A2 (Lp-PLA2).
  • القسطرة القلبية: قد يساعد تمرير أنبوب مرن ودقيق (القِسْطار) إلى الشريان التاجي على تحرّي المشكلة والتعامل معها. وإنْ كان هنالك تضيق يستدعي العلاج، قد يدفع ببالون خاص خلال القسطار حتى يصل موضع التضيق، وهناك يُنفَخ ليضغط ضد جدران الشريان ويحسِّن بالتالي تدفق الدم، كما قد تتم زراعة شبكة خاصة لإبقاء الشريان مفتوحاً.
  • الصور الوعائية: تعد هذه الوسيلة المعيار الذهبي لتقييم الانسدادات الحاصلة في الشرايين. ولمشاهدة تدفق الدم خلال أوعية القلب، قد يَعمَد الطبيب إلى حقن مادة صبغية في الشرايين التاجية بواسطة قِسْطار يتم إدخاله بطريق شريان، عادة في الرِّجل، وصولاً إلى الوعاء الدموي المستهدَف، ثم تؤخَذ الصور الشعاعية أو المقطعية المحوسبة لتحديد الأجزاء المتضيقة ومناطق الانسداد.
  • تَفاريس القلب (heart scans): قد يُستخدَم الرنين المغناطيسي لإنتاج صورة مفصلة للقلب، كما قد تساعد الصور المقطعية المحوسبة على رؤية تَمَوْضُعات الكالسيوم في الشرايين، والتي تؤدي إلى تضيقها. وإنْ تكشَّفَت النتائج عن وجود كميات كبيرة من هذا العنصر، تكون الإصابة بالمرض القلبي الوعائي أمراً محتملاً.
المعالجة

بالرغم من أنّ المرض القلبي الوعائي لا يَبْرأ تماماً، قد تساعد المعالجة على إدارة الأعراض وتقليل خطر تطور المزيد من المشكلات. ويتضمن العلاج عادةً الاضطلاع بتغيرات في نمط الحياة المتَّبَع، كما قد يُلجأ لبعض الأدوية والإجراءات الطبية إنْ دعت الحاجة إلى ذلك.

  • التغيرات النَّمَطِيَّة
    • نظام الغذاء الصحي للقلب: العديد من الأطعمة مفيدة للقلب والجسم معاً. وتساعد الدهون الأحادية غير المشبعة والدهون غير المشبعة المتعددة على خفض مستويات الكوليسترول في الدم. ومن الأطعمة الغنية بها: الأفوكادو، المكسرات، البذور، التوفو، وبعض الزيوت (زيت الزيتون، والكانولا، وزبدة الفول السوداني، والعُصْفُر، والسمسم)، كما يوصَى بتناول الأسماك الغنية بأحماض الأوميغا 3 الدهنية، كالسالمون والتونا، حوالي مرتين في الأسبوع. ويلعب الطعام الغني بالألياف دوراً بارزاً في التحكم بمرض القلب التاجي والحد من خطر الإصابة به؛ إذ يمكنه تقليل مستويات الكوليسترول الكلية والبروتين الشحمي منخفض الكثافة في الدم، وتحسين حساسية الأنسولين. وتشمل هذه الأطعمة كلاً من: الفاكهة، والخضار، والبقوليات، والحبوب الكاملة. ويندرج في إطار التغذية الصحية الامتناع عن بعض الأطعمة التي تعد ضارة بالصحة. ويُنصَح مرضى القلب بالحد من استهلاك اللحوم الحمراء، والأطعمة والمشروبات المحلّاة بالسكّر، فضلاً عن الملح، والكحول، زيت النخيل وجوز الهند، والدهون المتحوِّلة، التي توجد في المنتجات المُعَدَّة بالزيوت المهدرجة، ويمكن إيجادها في زبدة المارجرين والمخبوزات ومُبَيّض القهوة.
    • الحفاظ على وزن صحي: التمتع بوزن طبيعي هو أمر هام للصحة العامة، ويمكنه أيضاً أنْ يقلل من خطر الإصابة بمرض القلب التاجي أو يساعد على التعامل معه. ويمكن تحقيق ذلك الأمر باتباع خطة غذائية صحية للقلب، والحفاظ على مستوى جيد من النشاط البدني. ويَنْصَبُّ الهدف العام على أنْ يكون مؤشر كتلة الجسم دون 25، ومحيط الخصر أقل من 88.9 للنساء، وتحت 101.6 سنتيمتر لدى الرجال.وفي حال كان الشخص يعاني من السُّمنة أو فرط الوزن، فإنّ فقدان 3-5% من وزن الجسم يمكن أنْ يُعِين على تخفيض مستويات الدهون الثلاثية والسكّر في الدم، وكذلك خطر الإصابة بالسكري. وتُسهِم الخسارة الأكبر للوزن الزائد في تحسُّن أفضل لقراءات ضغط الدم، كما تنجم عنها مستويات أخفض من الكوليسترول الضار، وأزيَد من النوع الجيد.
    • النشاط البدني: التريُّض بانتظام باستطاعته أنْ يُرَوِّض العديد من العوامل الرافعة لخطر الإصابة بمرض القلب الوعائي، من ضمنها: الكوليسترول الضار، ارتفاع ضغط الدم، والوزن الزائد. وقد يقلل النشاط البدني أيضاً من خطر تطور مرض السكري، كما قد يرفع مستويات الكوليسترول الجيد. وينبغي التحدث إلى الطبيب قبل البدء ببرنامج رياضي مُعيّن. ويتوجب على المريض سؤال طبيبه عن مقدار ونوع النشاط البدني الفاعِلَيْن والآمنَيْن بالنسبة له، وأنْ يضع نصب عينيه ممارسة 150 دقيقة من تمارين هوائية متوسطة الشِّدة أسبوعياً على الأقل كالمشي السريع، أو نصف هذه المدة من تمارين هوائية مرتفعة الشِّدة كالجري، أو خليطاً منهما مع ممارسة تمارين قوة العضلات في مناسبتين على الأقل أسبوعياً.
    • الإقلاع عن التدخين: يعتبر التدخين عامل خطر جوهري في تطوُّر تصلب الشرايين، وهو كذلك المسبب لمعظم حالات الخُثار التاجي بين الأشخاص تحت سن الخمسين. وإنْ واجه الشخص صعوبة في ترك التدخين لوحده، فربما يستفيد من استشارة الطبيب حول البرامج والمنتجات التي يمكنها المساعدة على بلوغ ذلك الهدف، كما توفِّر جماعات الدعم في المستشفيات وأماكن العمل والمجتمع دروساً تَعضُد الجهود في الإحجام عن هذه العادة القاتلة.
    • إدارة التوتر: يُسهم التعامل السليم مع الضغوط النفسية في تحسين الصحة العقلية والبدنية. وعلى الشخص انتهاج وسائل ناجعة في التخلص من التوتر، من قبيل تمارين الاسترخاء والتنفس العميق، التي تفيد القلب، بعكس السلوكيات السلبية لمواجهة الأزمات، كالتدخين والإفراط في الأكل وشرب الكحول، التي تفاقم حدة المشكلة الماثلة في الشرايين القلبية والمُهدّدة لحياة المصاب.
    • التحكم بالأمراض المزمنة: إذا كان مريض القلب يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم، فعليه أنْ يسعى للسيطرة عليه بنمط الحياة الصحي، والحد من استهلاك الصوديوم، وأخذ الأدوية الموصوفة. ويساعد الحفاظ على مستوى سكّر الدم ضمن القيم المُستهدَفة على منع تفاقم الحالة. وبالنسبة لمن يعانون كلا المرضَيْن المزمنَيْن، يجب أنْ تكون قيمة ضغط الدم أقل من 130/80 مليمتر زئبقي.
  • الأدوية: إلى جانب تغيرات نمط الحياة، قد تُستخدَم أدوية متنوعة لإدارة مرض القلب التاجي وتقليل فرص الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، كما يمكنها الإسهام في تأخير الحاجة إلى الإجراءات العلاجية الجراحية. وتحتوي لائحة الأدوية المقدَّمة لذلك الغرض:
    • الأدوية الخافضة للكوليسترول: بتقليلها مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة "LDL"، تساعد هذه الأدوية على تنحية المادة الخام التي تَتَمَوْضع في الشرايين التاجية. ويمكن للطبيب أنْ يختار من مجموعة أدوية، تضم: ستاتينات، فبرات، ومنحّيات حامض الصفراء.
    • الأسبيرين: قد يوجِّه الطبيب بالاستخدام اليومي للأسبيرين أو غيره من مُمَيِّعات الدم، وقد يقلل ذلك من قابليته للتخثر؛ ما يساعد على منع حدوث الانسداد في الشرايين التاجية. وفي حال كان المريض قد أُصيب بنوبة قلبية في وقت سابق، فقد يسهم الأسبيرين في درء حدوثها مستقبلاً.
    • مُحصِرات بيتا: تخفف هذه الأدوية سرعة نبض القلب وقيمة ضغط الدم؛ ما يقلل حاجة القلب للأكسجين. ويمكن لهذه الأدوية أنْ تحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية في المستقبل لدى من سبق وعانوا منها. ومن الأمثلة عليها: أسيبوتولول، و أتينولول.
    • نِتْروغليسِرِين: يتواجد بأشكال مختلفة (أقراص، بخاخات، ولُصَاقات)، ويمكنه المساعدة على التحكم بألم الصدر من خلال التوسيع المؤقت للشرايين التاجية وتقليل حاجة القلب إلى الدم. وقد يستخدم هذا الدواء أسفل اللسان كأحد الإسعافات الطارئة حال الإصابة بنوبة قلبية.
    • مُثَبِّطات الإنزيم المُحَوِّل للأنجيوتنسين (ACE): تقلل هذه الأدوية ضغط الدم، وقد تساعد على منع تفاقم مرض القلب التاجي. ومن الأمثلة عليها: ليزينوبريل، بينازيبريل، و كابتوبريل.
    • مُحصِرات مُستقبِل الأنجيوتنسين 2 (ARBs): تشابه هذه الأدوية نظيراتها في المجموعة السابقة من حيث التأثير في ضغط الدم وتدفُّقِه، لكنها قد تُستخدَم عِوضاً عنها إنْ لم يتمكن متناوِل مُثَبِّطات الإنزيم المُحَوِّل للأنجيوتنسين من احتمال تأثيراتها الجانبية، خاصة بالنسبة للسعال المزعج. ومن الأمثلة عليها: لوسارتان، إربيسارتان، و كانديسارتان.

ويُنصَح المصابون بتناول جميع الأدوية الموصوفة بانتظام، كما هو مُقرَّر من الطبيب، وعليهم ألّا يُغيّروا الجرعة أو يهملوا إحداها ما لم يُعْلِمهم الطبيب بذلك. وما زال على مثل هؤلاء الاستمرار في أنماط الحياة الصحية، حتى لو كانوا يأخذون الدواء لمعالجة مرض القلب التاجي.

  • الإجراءات الطبية والجراحية: إذا لم تكفِ العادات الصحية والأدوية الموصوفة للسيطرة على مرض القلب التاجي، فقد يستدعي الأمر الخضوع لإجراءات طبية وجراحية معينة للتعامل مع المشكلة، وأبرز نوعين منها:
    • إعادة التَّوَعِّي التاجي بطريق الجلد (رأب الوعاء): في هذا الإجراء غير الجراحي، يعمل الطبيب على إدخال قِسْطار في شريان يقع في الجزء العلوي من الفخذ أو الذراع حتى يصل إلى الجزء المتضيق من الشريان التاجي. بعد ذلك يُمرِّر خلال القِسْطار سلكاً مزوداً ببالون مفرغ، ثم ينفخه في موضع التضيق ضاغطاً التَّمَوْضُعات ضد جدار الشريان من أجل توسيعه. وغالباً ما تُزرَع بعدها شبكة خاصة لمنع عودة الانسداد خلال أشهر أو سنوات لاحقة. وتُفرِز بعض هذه الشبكات أدوية معينة بشكل بطيء؛ للمساعدة على بقاء الشريان مفتوحاً.
    • طُعْم مَجَازَة الشّريان التّاجي (CABG): إجراء جراحي تُستخدَم فيه شرايين أو أوردة من مناطق أخرى في الجسم للالتفاف حول الأجزاء المتضيقة من الشرايين التاجية. وقد يحسِّن هذا الإجراء تدفق الدم إلى القلب، ويهدّئ ألم الصدر، كما يحتمل أنْ يحول دون الإصابة بالنوبة القلبية. ولأنّ ذلك يتطلب الخضوع لعملية قلب مفتوح، فغالباً ما يقتصر إجراؤه على حالات التضيُّقات المتعددة في الشرايين التاجية.
المضاعفات

من دون التنبُّه إلى المرض أو التحكم به، قد يتطور مرض القلب التاجي إلى حالات شديدة الخطورة ربما تكون قاتلة إنْ لم يُحسَن التعامل معها بشكل عاجل. وتشمل المضاعفات الرئيسية للمرض:

  • فشل القلب: واحد من أكثر مضاعفات مرض القلب التاجي شيوعاً يحدث عندما يعجز القلب عن الإيفاء بحاجة الجسم من الدم. وقد تؤثر هذه الحالة في الجانب الأيمن أو الأيسر من القلب، أو قد تُصيب كليهما. ويؤدي فشل القلب إلى الشعور بالتعب العام، أو ضيق في النَّفَس، أو تجمع السوائل في الجسم (الاستسقاء)؛ وذلك بناءً على الجانب المصاب من هذا العضو.
  • النوبة القلبية: تتسبب بها خثرة دموية تمنع تدفق الدم خلال الأوعية المزوِّدة للقلب بالدم الغني بالأكسجين والمغذيات؛ ما يحتمل التسبب بتلف دائم في الجزء المتأثر من عضلة القلب، وقد تؤدي إلى الوفاة في حال كان هذا الجزء كبيراً أو لم يتم التدخل لمعالجته. ومن الوارد أنْ يواجه المتعافي قصوراً في وظيفة القلب، وتعتمد درجة القصور على حجم ومكان النُّدبة المتكونة في الجزء المصاب.
  • السكتة الدماغية: عامل الخطر الذي يؤدي إلى المرض القلبي الوعائي قد يؤول أيضاً إلى السكتة الدماغية الإقفارية، التي تحدث عندما يتضيق أحد شرايين الدماغ أو ينسد بفعل خثرة دموية؛ بحيث يصل النزر اليسير من الدم إلى جزء أو أجزاء من هذا العضو الهام. وتعد السكتة الدماغية حالة طارئة تستدعي تدخلاً عاجلاً؛ كون النسيج الدماغي يبدأ بالموت خلال دقائق قليلة فقط من الإصابة.
  • أمُّ الدم (Aneurysm): هي عبارة عن انتفاخ في جدار الشريان يمكن أنْ يحدث في أي مكان من الجسم، وهو من المضاعفات الخطيرة لمرض القلب التاجي؛ حيث قد ينفجر ويسبب نزيفاً داخلياً مُهدِّداً للحياة.
  • مرض الشريان المحيطي: لا يقتصر حدوث التصلب العَصِيدي على شرايين القلب والدماغ؛ إذ قد يتطور في الشرايين المحيطية، وينجم عن استمراره تضيق هذه الشرايين وعدم حصول الأطراف على كمية كافية من الدم. ومن أبرز الدلائل على الإصابة بهذه الحالة هو ألم الرِّجْلين أثناء المشي.
  • موت القلب المفاجئ: في هذه الحالة، يحدث فقدان غير متوقع لوظيفة القلب والتنفس والوعي، غالباً عندما يخرج النظام الكهربائي القلبي عن نَسَقه، وتصبح النبضات غير منتظمة على نحو مفاجئ. ويعتبر الموت الفُجائي للقلب حالة طبية طارئة، تكون قاتلة إنْ لم يتم التدخل بشكل سريع.
الوقاية

ما تمت الإشارة إليه في نمط الحياة الصحي للتعامل مع مرض القلب التاجي، ينطبق بطبيعة الحال على الوقاية من تطور المرض في المقام الأول. وهذا صحيح كلياً عندما يتعلق الأمر بالعوامل القابلة للتعديل، على شاكلة السُّمنة والسكري وفرط الضغط، فيما تتواجد قلة فقط من العوامل التي لا يمكن التحكم بها، مثل الجنس والعمر والتاريخ العائلي. مع ذلك، فإنّ الاضطلاع بالعادات الصحية يساعد على إبقاء الشرايين لدى هؤلاء قوية وخالية من اللويحات.

وهنالك بعض التدابير الوقائية التي تمكن إضافتها إلى القائمة المذكورة:

  • المبادرات المهنية الصحية: نظراً لإمضاء معظم العاملين أكثر من نصف ساعات صحوهم في العمل، فإنّ تعزيز الصحة بينهم قد يلعب دوراً هاماً في محاربة أمراض القلب والسكتة الدماغية. فالقيام، مثلاً، ببعض الأنشطة البدنية خلال أداء المهام أو فيما بينها، قد يخفّف من وطأة الجلوس المستمر على الصحة.
  • تحسين إدراك أعراض مرض القلب والنوبة القلبية وسرعة التعامل معها: العديد من الإشارات الحيوية معروفة جيداً لتأكيد مثل هذه الحالات. ويجب أنْ يدفع أي نوع من ألم الصدر إلى البحث عن الرعاية الطبية والخضوع للفحوصات اللازمة، من باب التأكد والوقوف على السبب المباشر له.
  • نَيْل القسط الكافي من النوم: لقد ثبت وجود علاقة بين قلة النوم وزيادة تكلُّس الشرايين المغذية لعضلة القلب؛ وهو أحد المؤشرات على احتمال تطور مرض القلب التاجي. ومن هنا كان من المهم الحصول على الكفاية من النوم؛ بواقع 7-9 ساعات يومياً للشخص البالغ. وقد يُسعِف التعامل مع انقطاع النَّفَس النومي أيضاً في تقليل درجة الخطر.
مآل المرض

قد يسري مرض القلب التاجي بصمت دون التسبب بأعراض حتى تتطور الحالات الشديدة، فيما يؤدي الكشف المبكر عن المرض إلى تحقيق نتائج أفضل. ويتمكن بعض الأشخاص من البقاء بصحة جيدة عبر تغيير نظامهم الغذائي ومستوى نشاطهم البدني، إضافةً إلى إقلاعهم عن التدخين، وتناول أدويتهم الموصوفة؛ فيما قد يحتاج آخرون إلى الخضوع لإجراءات طبية، كالرأب الوعائي والجراحة.

وينبغي على المرضى العمل بجِدّ مع أطبائهم للتحكم بضغط الدم ومستويات الكوليسترول والسكّر في الدم، بينما قد تساعد المراجَعات والفحوصات المنتظمة على تقييم إدارة المرض واتخاذ القرار المتناغم معها؛ بحيث ينخفض خطر تطور المضاعفات أو حدوث المزيد منها إنْ وقعت في السابق.

انتشار المرض

يعتبر وَقْع الأمراض غير المُعْدِية على النواحي الاجتماعية والاقتصادية في جميع الدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة ضخماً جداً. وتضم هذه الأمراض كلاً من: المرض القلبي الوعائي، السكّري، الأمراض التنفسية المزمنة، والسرطان. وتقف هذه الأمراض وراء 60% من الوفيات العالمية، نصفهم يُعزَوْن إلى المرض القلبي الوعائي؛ ما يجعله القاتل الأول على مستوى العالم.

ويشكل مرض القلب التاجي أبرز أنواع الأمراض القلبية الوعائية، ويعتبر المسبب الرئيسي للوفاة بسبب واحد حول العالم. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ زُهاء 7.4 مليون وفاة في 2012 كانت بسبب المرض القلبي التاجي وحده. ويحدث أكثر من ثلاثة أرباع الوفيات بالمرض القلبي الوعائي في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ويقف المرض في هذه الدول وراء 37% من الوفيات بين مواطنيها.

وبالرغم من انتشار مرض القلب التاجي بشكل أكبر بين الرجال، تتوفَّر النساء على معدلات وفاة أعلى بهذا المرض؛ كونهنّ أقل عرضة لاختبار العَرَض الرئيس للنوبة القلبية، المتمثِّل بألم الصدر، فيما يكُنّ أكثر احتمالاً لأنْ يواجهنَ أعراضاً مختلفة، مثل: ضيق النَّفَس، والغثيان، والتعب الشديد، وألم الظهر؛ وهو ما قد يُعزَى من قبل الطبيب أو المصاب إلى أمر آخر أقلّ تهديداً للحياة من النوبة القلبية، وبذلك لا يتم اتخاذ التصرف المناسب.

we would recommend you for today
غيوم قاتمة
15.41°
Weather Temp
استخدم كريم واقي من الشمس حتى في الأجواء الغائمة وذلك لأن معظم الأشعة فوق البنفسجية تخترق الغيوم