Register with us and take advantage of our distinguished services
السكتة الدماغية النزفية
نبذة عن المرض

السكتة الدماغية، أو ما يُعرَف أحياناً بالنوبة الدماغية أو الجلطة الدماغية، هي نوع شائع ومميت من الأمراض القلبية الوعائية التي تنجم عن انسداد أو تمزق شريان يزود الدماغ بالدم الغني بالأكسجين والمغذيات. وهناك نوعان رئيسيان من السكتة الدماغية، هما: السكتة الدماغية الإقفارية (تسببها خَثْرة تسُد الوعاء الدموي)، والسكتة الدماغية النزفية (تحدث عندما ينفجر شريان مُخّي أو ينزف).

وقد يتجمع النزيف الذي يسبق السكتة الدماغية النزفية ويؤدي إليها داخلَ الدماغ أو في محيطه؛ ما قد يولد ضغطاً على نسيج الدماغ، ويحرم خلاياه من الأكسجين الأساسي لعملها، لتبدأ بالموت. ويعتمد تأثير السكتة الدماغية النزفية على مكان حدوث النزيف، ومقدار التلف الحاصل للدماغ.

وتظهر أعراض السكتة الدماغية النزفية فجأة، وتمكن ملاحظتها على شكل ضعف أو شلل في جانب واحد من الجسم (الأيمن أو الأيسر)، وقد تتأثر القدرة على الكلام والتفكير، كما قد يواجه المصاب صداع شديد مع أو بدون ارتباك. وتستمر هذه الأعراض، عادةً، لأكثر من 24 ساعة، وقد يمتد بعضها لبقية الحياة، خاصة إنْ لم يتم التعامل مع المشكلة في وقت مبكر و/أو لم يحظَ المصاب بعلاج تأهيلي مناسب لتَبِعات الإصابة.

ويجب على كل شخص يُشتبَه بإصابته بالسكتة الدماغية أنْ يخضَع لتصوير دماغي في غضون أربعٍ وعشرين ساعة من بدء الأعراض؛ إذ قد يُجرى ذلك عبر التصوير المقطعي المحوسَب أو الرنين المغناطيسي. ويساعد هذان الاختباران على التفريق بين أنواع السكتة الدماغية، وتقييمها بدقة؛ لتحديد التصرف الأمثل. وقد يستدعي الأمر إجراء مزيد من الاختبارات التشخيصية، كاختبار الدم لعوامل وزمن التخثُّر، وفحوص الشريان السُّباتي المارّ بالرقبة نحو الدماغ.

وتعد السكتة الدماغية النزفية مرضاً يهدد الحياة، ويتطلَّب تدخلاً فورياً. وتركِّز المعالجة الطارئة للسكتة الدماغية النزفية على التحكم بالنزيف، وتقليل الضغط على الدماغ. وقد تُجرى الجراحة أيضاً للمساعدة على تقليل خطر تكرار الإصابة مستقبلاً. إلى ذلك، لا تُستخدَم علاجات السكتة الدماغية الإقفارية، كمُمَيّعات الدم ومضادات الصفائح والأدوية الحالّة للتخثر، في علاج السكتة الدماغية النزفية؛ كونها قد تفاقم النزيف في هذه الحالة.

إنّ ما يصل إلى 80% من السكتات الدماغية هي قابلة للوقاية؛ وبالتالي يملك الشخص فرصة لحماية نفسه من السكتة الدماغية، عبر سيطرته على عوامل الخطر القابلة للتعديل. وتعتبر إدارة فرط ضغط الدم من بين أقوى المقاربات الوقائية لتقليل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية النزفية، كما أنّ الإقلاع عن التدخين والحد من شرب الكحول قد يُعينان على تحقيق ذلك.

التعريف

السكتة الدماغية النزفية هي مرض يَحدُث عندما يتمزَّق وعاء دموي أو ينزف في الدماغ أو محيطه؛ وتكون النتيجة تسرُّب الدم خلال النسيج الدماغي أو فيما حوله، والذي يحرم الدماغ من الأكسجين اللازم للقيام بالعمليات الحيوية. وعندما يحدث ذلك، تبدأ خلايا الدماغ بالموت؛ ما يؤثر في الوظائف التي تضطلع بها المناطق المصابة.

الأنواع الفرعية
  • النزف داخل المخ: تحدث أكثر أنواع السكتة الدماغية النزفية شيوعاً عندما ينفجر وعاء دموي داخل الدماغ أو ينزف في محيط النسيج الدماغي. ويُسْفِر هذا النزيف عن موت خلايا الدماغ، وتوقُّف الأجزاء المتضرّرة عن القيام بوظائفها بشكل صحيح. ويمثِّل ارتفاع ضغط الدم وشيخوخة الأوعية الدموية أبرز المسبِّبات لهذا النوع من السكتة الدماغية.
  • النزف تحت الطبقة العنكبوتية: يشمل هذا النوع حدوث نزيف في المنطقة الواقعة بين الدماغ والنسيج المُغَلِّف له، والمعروفة بالحيِّز تحت العنكبوتي. وغالباً ما تحدث الإصابة بسبب انفجار أُمّ الدم، وتضم المسببات الأخرى: إصابات الرأس، والاضطرابات النزفية. ويمكن لهذ النوع أنْ يُلْحِق ضرراً بالغاً بالدماغ، وهو الأشد فتكاً من بين كل أنواع السكتة الدماغية.
الأسباب

السبب الرئيس للسكتة الدماغية النزفية هو فرط ضغط الدم، الذي قد يُضعِف الشرايين في الدماغ، ويجعلها عرضة للتشقّق أو الانفجار. ويمكن أنْ تطرأ السكتة الدماغية النزفية من اضطرابات تخثُّر الدم، والمعالجة بمضادات التخثُّر، والتشوهات الشريانية الوريدية. وسيؤتَى على تفصيل العوامل التي قد تؤول إلى السكتة الدماغية النزفية فيما يلي.

عوامل الخطر

 يمكن أنْ تحدث السكتة الدماغية النزفية لأي شخص، وفي أي وقت. مع ذلك، يُعرَف عن عوامل معينة زيادتها خطر الإصابة بهذا المرض، مثل:

  • ارتفاع ضغط الدم: فرط الضغط هو المسبب الأول للسكتة الدماغية، وأكثر عوامل خطرها التي يمكن التحكم بها. وينجم أكثر من نصف السكتات الدماغية الكُلّية عن فرط ضغط الدم غير الخاضع للسيطرة، وما يصل إلى 60% من السكتات الدماغية النزفية تتعلق بارتفاع ضغط الدم.
  • التشوه الشرياني الوريدي: هو حالة جينية لاتصال غير طبيعي بين الشرايين والأوردة، ويحدث غالباً في الدماغ والنخاع الشوكي، ويمكنه أنْ يؤدي إلى كلا النوعَيْن من السكتة الدماغية (النزفية، والإقفارية).
  • جروح الدماغ الرَّضِّيّة: قد ينشأ النزيف داخل الدماغ أو حوله من تعرُّض الرأس لضربة، عبر حادث أو أداة، تسفر عن انفجار وعاء دموي وحدوث النزيف.
  • مُمَيِّعات الدم: من الوارد جداً أنْ تزيد المعالجة المضادة للتخثر خطرَ النزيف لدى المرضى الذين لا يتمكَّنون من استقلاب دواء "وارفارين" بكفاءة. وينبغي أنْ يُقيَّم هذا الدواء بحذر قبل إعطائه للمريض.
  • الدَّاء النَّشَوَانِيّ: يصيب الداء النشواني المُّخِّي كبار السن على نحو خاص، وقد يتسبب بما يصل إلى 10% من حالات النزيف داخل المخ. والداء النَّشَواني هو مرض نادر يحدث عندما يتراكم بروتين غير طبيعي، يسمى الأميلويد، في أعضاء الجسم.
  • الاضطرابات النزفية: قد يكون الاعتلال الخَثَري موروثاً أو مكتسباً؛ إذ قد يؤدي داء الكبد إلى قابلية غير معتادة للنزف، ويمكن أنْ تُعرِّض اضطرابات التخثُّر الموروثة، كنقص عوامل التخثُّر، إلى النزيف الشديد. وقد سُجّل النزيف داخل الجمجمة مع جميع هذه الاضطرابات.
  • تدخين السجائر: يُضاعِف التدخين خطر الإصابة بالسكتة الدماغية النزفية حتى أربعة أضعاف، وقد تمَّ ربطه بتشكُّل اُمّ الدم aneurysm؛ وهي ضعف وانتفاخ في جدار الشريان، يُعرّضه للانفجار والتسبب بالنزيف.
  • الإفراط في شرب الكحول: يمكن أنْ تُفضي معاقرة كميات كبيرة من الكحول إلى ارتفاع ضغط الدم، وتتسبب بضربات قلب غير منتظمة تُدعَى بالرَّجَفان الأُذَيْني؛ وكلاهما قادر على رفع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
  • الجنس: يتوفَّر الرجال على خطر أكبر للإصابة بالسكتة الدماغية، مقارنة بالنساء. وتميل النساء ليكُنَّ في سن أكبر عند الإصابة بالسكتة، وهنَّ أكثر عرضة من الرجال للوفاة بالسكتات الدماغية. وإنّ الحصول على أدوية منع الحمل، والحمل نفسه، يزيدان من الخطر عند النساء.
  • العمر: يزداد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية مع التقدم بالسن، وتشير معاهد الصحة الوطنية الأمريكية إلى أنّ دراسات تُظهِر أنّ خطر السكتة الدماغية يتضاعف لكل عَقْد بين سن 55 و 85 عاماً. مع ذلك، يمكن أنْ تحدث السكتة الدماغية في خِضَمّ الطفولة أو المراهقة.
  • العِرق: لدى السُّود خطر وفاة بالسكتة الدماغية بعد مقارنة الأعمار أكثر بمرَّة ونصف تقريباً من البِيض، ويحظى اللاتينيون بمعدل إصابة بالسكتة الدماغية أخفض من السود والبِيض معاً، لكنّهم أكثر عرضةً للسكتات العميقة، وفي سن أبكر.
فيسولوجية المرض

في النزف داخل المخ، يحدث النزيف مباشرةً في نسيج الدماغ، ويُعتقَد بأنّ الآلية المعهودة لحدوث ذلك هي تسرُّب الدم من شرايين صغيرة داخل المخ، تَتْلف بسبب ارتفاع ضغط الدم المزمن. وللنزف داخل المخ نزوع إلى الحدوث في مواقع محددة في الدماغ، تتضمن المِهَاد، البَطامة، المُخَيْخ، وجذع الدماغ. وبالإضافة إلى الأماكن المتضررة من الدماغ بفعل النزيف، يمكن أنْ يتأذى النسيج الدماغي المحيط به نتيجة الضغط المتولِّد من تأثير كتلة الورم الدموي، وقد يحدث ارتفاع عام في الضغط داخل المخ.

وقد يحدث النزيف أسفل الطبقة العنكبوتية التي تحيط بالدماغ؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع الضغط داخل المخ، وإعاقة التنظيم المخي الذاتي. وقد تحدث تلك التأثيرات بالاشتراك مع تضيُّق وعائي حاد، تكدُّس الصفائح الدموية في الأوعية الدقيقة، وفقدان التروية الوعائية الدقيقة؛ ما ينتهي بانخفاض ساحق في تدفق الدم، وحدوث نقص التروية المخية، ومن ثم موت الخلايا الدماغية.

العلامات والأعراض

تختلف أعراض وعلامات السكتة الدماغية من شخص لآخر، لكنّها عادة ما تأتي بغتة. وكما أنّ أجزاء الدماغ المختلفة تتحكم بأجزاء ووظائف مختلفة من الجسم، تكون الأعراض معتمدة على الجزء المصاب من الدماغ، ونطاق التلف الحادث فيه. وتضم المظاهر الرئيسية للسكتة الدماغية:

  • خَدَران أو ضعف أو حتى شلل مفاجئ في الوجه والذراع والرِّجل، وبخص في جانب واحد من الجسم.
  • ارتباك مفاجئ، وصعوبة في التحدث أو استيعاب الكلام.
  • صعوبة مفاجئة في الرؤية بعين واحدة أو بكلتَيْ العينين.
  • صعوبة مفاجئة في المشي، أو الشعور بالدُّوار أو فقدان التوازن أو التناسق بشكل مفاجئ.
  • صداع شديد مفاجئ دون سبب معلوم، قد يترافق مع التقيؤ أو تغير مستوى الوعي.
التشخيص

المعاناة من أعراض السكتة الدماغية قد تشير إلى أنّ الشخص مصاب بالسكتة الدماغية النزفية، ويمكن عندها إجراء عدد من الاختبارات؛ للمساعدة على تأكيد التشخيص، وتحديد سبب وشدة الحالة. وتشمل هذه الاختبارات:

  • التصوير المقطعي المحوسب (CT): تَستخدِم تقنية التصوير هذه سلسلة من الأشعة السينية لخلق صورة مفصَّلة للدماغ. ويمكن للتصوير المقطعي المحوسَب إظهار النزيف، الورم، السكتة، أو غيرها من الحالات. وقد يحقِن الطبيب صبغة خاصة في مجرى الدم؛ لعَرْض الأوعية الدموية في الرقبة والدماغ بتفاصيل أوفى، ويُطلَق على هذه الوسيلة تصوير الأوعية المقطعي المحوسَب.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي(MRI) : هنا، يُستخدَم حقل مغناطيسي قوي وأشعة راديويَّة لإنتاج صورة تفصيلية لباطن الجسم؛ ما يوفر توضيحات أكبر حول نسيج الدماغ، يسمح بتحديد مناطق سكتة دماغية أصغر أو غير معروفة أو غير متوقعة. وقد يُلجأ لاستعمال الصبغة أيضاً للحصول على صورة أكثر تفصيلاً.
  • اختبارات الدم: إذا كان الشخص يخضع لتقييم الإصابة بالسكتة الدماغية، فمن المُرَجَّح أنْ يوعِز الطبيب إلى إجراء بعض اختبارات الدم. وبالرغم من عدم إمكانيتها لوحدها تشخيص السكتة الدماغية، يمكن أنْ تقدم هذه الاختبارات معلومات حول عوامل خطر السكتة الدماغية، والمشكلات الصحية الأخرى ذات الأهمية. وتعتبر اختبارات التخثر، مثل: PT، PTT، و INR، شائعة الاستخدام، وتتضمن الاختبارات الأخرى العدّ الدموي الشامل(CBC) ، وكيمياء الدم.
  • اختبارات البَلْع: تعد اختبارات البلع ضرورية لأي شخص تعرض للسكتة الدماغية؛ لأن إمكانية البلع غالباً ما تتأثر في وقت مبكر بعد السكتة الدماغية؛ وبالتالي قد يصل الطعام والشراب إلى القصبة الهوائية، ومن ثم إلى الرئتين (يُسَمَّى الشَّفْط)، الذي قد يؤدي إلى التهاب الرئة. ولاعتبار نتيجة الاختبار طبيعة، على الشخص أنْ يكون قادراً على ابتلاع بضع ملاعق من الماء دون التشردق أو السعال.
المعالجة

السكتة الدماغية هي حالة طبية طارئة تستدعي تدخُّلاً فورياً؛ حيث قد تقلل المعالجة المبكرة من التأثيرات طويلة الأمد للسكتة، وتحول دون الوفاة بها. وتقتضي الأنواع المختلفة من السكتة الدماغية أنواعاً مختلفة من العلاجات؛ لذا فإنّ التشخيص السريع للحالة، يجعل العلاج أكثر استقامة ومباشرة. ويشتمل علاج السكتة الدماغية النزفية على ما يلي:

  • الإجراءات الطارئة: إذا كان المصاب قد أخذ دواء الوارفارين أو ما سواه من مضادات التخثر، فقد يُعطَى أدوية أو تُنقَل إليه مكونات دم؛ لعكس تأثيرات مميعات الدم تلك. وقد يُعطَى المصاب كذلك أدوية لخفض الضغط داخل الدماغ، تخفيض ضغط الدم المرتفع، منع تضيق الأوعية الدموية، أو لاتقاء نوبات الصرع. وبمجرد أنْ يتوقف النزيف في الدماغ أو حوله، يُسْتَكْمل العلاج بالرعاية الطبية الداعمة بينما يمتص الجسم الدم المتجمِّع. وفي حال كانت منطقة النزيف شاسعة، فقد يلجأ الطبيب إلى إجراء الجراحة.
  • الجراحة: أحياناً، قد تكون هنالك حاجة إلى إجراء جراحة طارئة؛ لطرح أي دم في الدماغ، وإصلاح أي انفجار في الأوعية الدموية. وعادةً ما يُجرى ذلك بواسطة ما يُسمَّى "حَجّ القِحف"، تُزال خلاله قطعة من الجمجمة؛ للسماح بولوج الجراح إلى مسبب النزيف، والعمل من هناك على إصلاح أي تلف في الأوعية الدموية، والتأكد من عدم وجود خَثْرات قد تحد من تدفق الدم إلى الدماغ. وقد تُستخدَم الجراحات أيضاً في إصلاح تشوهات الأوعية الدموية المرتبطة بالسكتة الدماغية النزفية، ومن ضمنها:
    • التثبيت الجراحي: يضع الجراح مِشبَكاً دقيقاً في قاعدة الشريان المتمدِّد "أم الدم"؛ لإيقاف تدفق الدم إليه. ويمكن لهذا المشبك أنْ يحول دون انفجار الشريان، أو يمنع عودة نزف أمّ الدم النازفة حديثاً.
    • الّلف داخل الأوعية: في هذا الإجراء، يُدخل الجراح قِسْطاراً عبر شريانٍ في منطقة الإرب، ويسوقه نحو الدماغ مستعيناً بالأشعة السينية، ثم يوجّه لُفَافات دقيقة قابلة للانفصال في أمّ الدم، والتي ستملؤها وتسد جريان الدم فيها.
    • إزالة التشوه الشرياني الوريدي جراحياً: قد يستأصل الجراحون تشوهات وريدية شريانية صغيرة الحجم إذا كانت واقعة في منطقة من الدماغ يمكن الوصول إليها؛ وذلك لإبعاد خطر انفجارها، وتقليل خطر السكتة الدماغية النزفية. أمّا بالنسبة للتشوهات العميقة والكبيرة والمعقدة، فقد يكون استئصالها مستحيلاً.
    • مَجَازَة داخل القِحْف: في بعض الظروف الفريدة، قد تكون هذه التحويلة الجراحية لأوعية دموية داخل الجمجمة خياراً للتعامل مع ضعف تدفق الدم إلى منطقة من الدماغ، أو في حالات الجروح الوعائية المعقدة، كإصلاح أمّ الدم.
    • الجراحة الإشعاعية المتعلِّقة بالتوجُّه اللمسي: باستخدام حُزَم متعددة من إشعاع مُسَلَّط بدقّة عالية، يعتبر هذا الإجراء علاجاً متقدِّماً، وبالحد الأدنى من البضع، لإصلاح التشوهات الوعائية، كحالات التشوه الشرياني الوريدي.
  • إعادة التأهيل: بعد الخضوع للعلاج الطارئ والجراحة، تركِّز رعاية السكتة الدماغية على مد يد العون للمصاب في سبيل استرجاع ما أمكن من الوظائف، والعودة إلى العيش باستقلالية. ويحاول مقدِّم الرعاية الطبية أنْ يُساعد المريض على التكيُّف مع الوظائف المفقودة بسبب السكتة الدماغية، أو ربما استعادتها، بعد برنامج إعادة تأهيل طويل الأمد. وقد يبدأ البرنامج من المستشفى، ليُسْتَكْمَل لاحقاً في وحدة إعادة التأهيل التابعة لذات المستشفى، أو في العيادات الخارجية، أو حتى في المنزل. وقد تنطوي المعالجة على العلاج الطبيعي (المعالجة الفيزيائية)، المعالجة المُقَوِّمة للنطق، الخطة الغذائية، و/أو غيرها من المعالجات المطلوبة، تبعاً لحالة الشخص. ووفقاً لعيادة مايو الأمريكية، فقد وجد الباحثون أنّ الجهاز العصبي المركزي قادر على التأقلم، ويمكنه استعادة بعض وظائف الخلايا الدماغية الميتة، كما لاحظوا أنّ من المهم استمرار المحاولة في إعادة التأهيل بُغْية استعادة المهارات المفقودة. وبالرغم من أنّ بعض الناجين من السكتة الدماغية يتعافون بسرعة، يحتاج معظمهم ضرباً من إعادة التأهيل طويل الأمد، ربما لأشهر أو سنوات من إصابتهم بالسكتة الدماغية، أو قد تستمر مدى الحياة. وتعتمد مدة إعادة التأهيل على شدة السكتة الدماغية ومضاعفاتها.
المضاعفات

قد تتسبب السكتة الدماغية بحالات عجز مؤقت أو دائم، معتمدةً على مدة افتقار الدماغ لتدفق الدم، وعلى أيّ أجزائه تضرُّراً. وتشمل مضاعفات السكتة الدماغية:

  • الشلل، أو فقدان الحركة العضلية: قد يصبح الشخص مشلولاً في جانب واحد من الجسم، أو قد يفقد التحكم بعضلات معينة، كتلك المتواجدة في جهة واحدة من الوجه أو إحدى ذراعيه، كما قد تصبح الأنشطة اليومية الاعتيادية، كالمشي وتناول الطعام وارتداء الملابس، صعبةً للغاية، أو ربما مستحيلة.
  • صعوبة التواصل: قد تُفضِي السكتة الدماغية إلى سيطرة أقل على طريقة تحريك العضلات في الفم والحلق؛ ما يجعل من الصعب التحدث بوضوح. وقد يواجه المصاب أيضاً صعوبة في فهم الكلام المحكي، وكذلك في القراءة أو الكتابة؛ ما يعيق تفاعله الاجتماعي.
  • سوء التغذية: لذات السبب سالف الذِّكر، قد لا يتمكن مرضى السكتة الدماغية من ابتلاع الطعام والشراب كما يجب؛ ما يحد من قدرتهم على نيل حاجات الغذاء والماء اليومية، وقد يصاب المريض على إثرها بالتجفاف ونقص العناصر والمكونات الغذائية المختلفة.
  • فقدان الذاكرة أو صعوبات التفكير: يختبر العديد من المصابين بالسكتة الدماغية شيئاً من فقدان الذاكرة، بينما قد يواجه آخرون صعوبة في التفكير، واتخاذ القرارات، وكذا في الاستنتاج، واستيعاب المفاهيم.
  • المشكلات العاطفية والسلوكية: قد يواجه الأشخاص الذين أصيبوا بسكتة دماغية صعوبة أكبر في التحكم بمشاعرهم، أو قد يطورون الاكتئاب، لاسيما مع العجز المهول الناجم عن السكتة الدماغية، وقد يصبحون أكثر انطواءً أو تهوراً.
  • الألم: قد يتغشَّى من عانوا من السكتة الدماغية ألم أو تنمُّل أو غيرها من الأحاسيس الغريبة، في أجزاء من أجسامهم تأثَّرت بالسكتة الدماغية.
  • الحساسية إزاء تغيرات درجة الحرارة، خاصةً البرد الشديد: تُعرَف هذه المُضَاعَفة بألم السكتة الدماغية المركزي أو متلازمة الألم المركزي، وتتطور عموماً بعد عدة أسابيع من الإصابة بالسكتة الدماغية، وقد تتحسن مع الوقت.
الوقاية

الخبر الجيد هو أنّ 80% من إجمالي حالات السكتة الدماغية يمكن اتقاؤها. وتعتمد إمكانية الوقاية من السكتة الدماغية الأولى أو المتكرِّرة على التعامل مع عامل الخطر الكامن وراء إصابة الفرد بالسكتة الدماغية. وتُرَكّز الوقاية على:

  • إدارة ضغط الدم: الالتزام بالعادات الصحية سيساعد على تقليل خطر الإصابة بالمسبب الرئيسي للسكتة الدماغية النزفية، ممثَّلاً بفرط ضغط الدم، أو قد يسهم في التحكم بضغط الدم إنْ كان الشخص مصاباً به. وقد يتطلب ذلك ممارسة النشاط البدني، والحد من استهلاك السكّر والملح (الصوديوم تحديداً)، بالإضافة إلى تناول أطعمة صحية، من قبيل: الفاكهة، الخضار، الحبوب الكاملة، الأسماك، والمكسرات. هذا وقد يحتاج الشخص إلى أدوية محددة موصوفة للتحكم بارتفاع ضغط الدم.
  • الإقلاع عن التدخين: التدخين هو عامل خطر في كلا نوعي السكتة الدماغية (الإقفارية، والنزفية)، وإنْ واجه الشخص صعوبة في ترك التدخين لوحده، فربما يستفيد من استشارة الطبيب حول البرامج والمنتجات التي يمكنها المساعدة على بلوغ ذلك الهدف، كما توفِّر جماعات الدَّعم في المشافي وأماكن العمل والمجتمع المحلي دروساً تَعضُد الجهود في الإحجام عن هذه العادة القاتلة.
  • إدارة التوتر: يُسهِم التعامل السليم مع الضغوط النفسية في تحسين الصحة العقلية والبدنية. وعلى الشخص انتهاج وسائل ناجعة في التخلص من التوتر، مثل تمارين الاسترخاء والتنفس العميق، التي تفيد الدماغ والقلب والأوعية الدموية، بعكس السلوكيات السلبية لمواجهة الأزمات، كالتدخين والإفراط في الأكل وشرب الكحول، التي تفاقم حدة المشكلة الماثلة في شرايين الدماغ والمُهدّدة لحياة المصاب، أو تعمل على توليدها من الأساس.
مآل المرض

يتوقَّف مدى تأثُّر الشخص بالسكتة الدماغية النزفية على مكان وحجم التلف الدماغي الذي خلَّفته السكتة، وقدرة المناطق السليمة من الدماغ على الاضطلاع بوظائف المناطق المتضررة، بالإضافة إلى إعادة التأهيل. وبوجه عام، فإنّ التلف الأقل في نسيج الدماغ يعني في المقابل عجزاً أقل، وفرصاً أفضل لنجاح التعافي. ويحظى الشخص بالفرصة الأوفر لاستعادة قدراته خلال الأشهر القليلة التالية للسكتة، ويتعافى بعض الأشخاص كُلّياً من السكتة الدماغية. أمّا الذين أصيبوا بسكتات أكبر، فربما يعجزون للأبد عن تحريك أحد جنبيهم، أو يفقدون قدرتهم على الكلام. وسيختبر أكثر من ثلثي الناجين نوعاً من العجز، وأكثر من النصف سيعانون من مشكلات دائمة في الكلام والاستيعاب واتخاذ القرار، وقد يواجهون تغيرات سلوكية تؤثر في علاقاتهم الأسرية والاجتماعية.

وطبقاً لجامعة هارفارد الأمريكية، يفارق الحياة حوالي 30-60% من المصابين بنزيف داخل الدماغ. ومن بين الذين يتمكنون من الوصول إلى غرفة الطوارئ وهم على قيد الحياة، يكون النزيف قد توقف مع بدء معاينتهم من قبل الطبيب. والعديد من المصابين بانفجار أمّ الدم أو النزف تحت الطبقة العنكبوتية لا يعيشون بما يكفي لبلوغ المستشفى، ومن بين الذين يستطيعون ذلك، يتوفى 50% خلال الشهر الأول من العلاج. مع ذلك، يتوقف خطر الوفاة في حالات نزف الطبقة تحت العنكبوتية المتمخضة عن التشوهات الشريانية الوريدية عند قرابة 15%.

ويختبر زُهاء ربع الناجين من النزف داخل الدماغ تحسناً ملحوظاً في أعراضهم مع قيام الجسم، بشكل طبيعي وتدريجي، بإعادة امتصاص الدم المحتقن في الدماغ. ومن بين أولئك الناجين من نزيف أمّ الدم، يعاني 50% مشكلات عصبية طويلة الأمد. ويتوفَّر الأشخاص الذين عانوا من نزيف التشوهات الشريانية الوريدية أو أمّ الدم ولم يخضعوا لعلاجها على خطر تكرار الإصابة بحادث نزفي. وإذا لم يتم إصلاح الوعاء الدموي أو استئصاله، يواجه واحد من كل خمسة ناجين من النزف تحت الطبقة العنكبوتية نزيفاً متكرراً خلال 14 يوماً، ونصفهم سينزفون مجدداً في غضون ستة أشهر. وهنالك فرصة جيدة للنجاح عندما تُستخدَم الجراحة لتثبيت أمّ الدم النازفة، لكن ما يزال هناك خطر وفاة وعجز طويل الأمد بنسبة 5%.

انتشار المرض

استناداً إلى الاتحاد العالمي للقلب، يعاني 15 مليون شخص من السكتة الدماغية كل عام، يفارق الحياة منهم ستة ملايين، ويبقى خمسة ملايين آخرون عاجزين للأبد؛ وبذلك تعتبر السكتة الدماغية المسبب الثاني للوفاة حول العالم بعد مرض القلب التاجي، وكذلك المسبب الثاني للعجز عالمياً بعد الخَرَف. وتحدث السكتة الدماغية بشكل رئيسي بين كبار السن، وهي أقل شيوعاً بين الأشخاص دون سن الأربعين، بالرغم من إمكانية حدوثها. وعند الشباب، يشكل ارتفاع ضغط الدم وداء الخلايا المنجلية (يصيب غالباً الأشخاص من أصول إفريقية ولاتينية) أبرز مسببات السكتة الدماغية.

وتتراجع معدلات حدوث السكتة الدماغية في العديد من الدول المتقدمة؛ ويُعزَى ذلك بشكل كبير إلى التحكم الأفضل بارتفاع ضغط الدم، وانخفاض نسبة المدخنين. مع ذلك، يستمر الرقم الكُلّي للسكتات الدماغية بالتصاعد؛ لأنّ السكان يشيخون. وفي العالم النامي، تزداد معدلات حدوث السكتة الدماغية، وتشير التوقعات إلى أنّ العقدين المقبلين سيشهدان تضاعف الوفيات بالسكتة الدماغية ثلاث مرات في كل من أمريكا الجنوبية والشرق الأوسط، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ويتباين توزع أنواع السكتة الدماغية بشكل كبير في الأنحاء المختلفة من العالم وبين الأعراق المختلفة. مع ذلك، يُقَدِّر الاتحاد العالمي للقلب أنّ 80% من مجمل السكتات الدماغية هي سكتات إقفارية، وتكون بذلك الـ 20% المتبقية سكتات نزفية. وبالرغم من أنّ السكتات الدماغية النزفية أقل شيوعاً من نظيراتها الإقفارية، فإنّها تتسبب بنحو 40% من إجمالي الوفيات بالسكتة الدماغية؛ ما يجعلها أشد خطورة متى حدثت، خصوصاً السكتة الدماغية النزفية تحت العنكبوتية.

we would recommend you for today
سماء صافية
23.02°
Weather Temp
استخدم كريم واقي من الشمس وارتد نظارات شمسية للوقاية من أشعة الشمس الضارة