متصدّراً قائمة أنواع السرطان، سرطان الرئة هو مرض يتصف بنمو غير طبيعي لخلايا خبيثة في الرئة، بشكل يؤثر في تركيبتها ووظيفتها، وقد يتطور مع الوقت إلى حالة تهدد الحياة، خاصة إنْ سرى دون إحساس به، وانتشرت الخلايا السرطانية في أنحاء الجسم.
ويعتبر التدخين المسبب الرئيس لسرطان الرئة. ومن بين العوامل الأخرى المساهمة في تطوره كل من التدخين السلبي، والتعرض للمواد المسرطنة، مثل غاز الرادون ومعادن الأسبستوس وعنصر الزرنيخ وتلوث الهواء، وقد تتعزز قابلية الإصابة مع توافر تاريخ شخصي أو عائلي للإصابة بالمرض.
ويعد السعال أبرز أعراض سرطان الرئة، والذي غالباً ما يكون مزمناً، وقد يترافق مع خروج الدم. أمّا عن الظواهر الأخرى للمرض، فتشمل أعراضاً تنفسية والتعب وفقدان الوزن، علماً بأنّ أعراض سرطان الرئة قد لا تظهر حتى وقت متأخر. هذا ويتم التأكد من الإصابة بسرطان الرئة عبر إجراءات تشخيصية عدة، أبرزها الاختبارات التصويرية وتحليل الخزعات.
وكغيره من أنواع السرطان، يُعالج سرطان الرئة بالثالوث العلاجي التقليدي، ممثلاً بالجراحة، المعالجة الإشعاعية، والمعالجة الكيميائية، فيما تُتاح العديد من المعالجات الحديثة والأكثر فعالية في التعامل مع سرطان الرئة، كالمعالجة المناعية والموجَّهة.
إلى ذلك، يرفع اكتشاف السرطان وعلاجه في وقت مبكر من فرص عيش حياة أطول وذات نوعية أجود. مع ذلك، يبقى سرطان الرئة القاتل الأول بين أنواع السرطان، من خلال تداخله مع عضو جوهري في جسم الإنسان، وسريانه عند معظم الأشخاص دون إدراك منهم بحدوث الإصابة.
سرطان الرئة هو مرض تنمو فيه خلايا غير طبيعية بشكل خارج عن السيطرة في العضو المسؤول عن التنفس، وهو من أكثر أنواع السرطان شيوعاً وأكثرها خطراً؛ حيث لا تتطور الخلايا المُعْتَلَّة إلى نسيج رئوي صحي، بل تنقسم بسرعة مشكّلة الأورام، التي يزداد حجمها ليعيق قدرة الرئة على تزويد الدم بالكميات المطلوبة من الأكسجين. وعلاوةً على ذلك، تمتلك هذه الأورام إمكانية إطلاق الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم في المراحل المتقدمة من المرض، مسببةً انتشار السرطان.
هو أكثر أنواع سرطان الرئة شيوعاً، بحوالي 85% من إجمالي المصابين بالمرض. ويصنَّف سرطان الرئة غير صغير الخلايا أيضاً إلى: سرطان الخلايا الحرشفية، والسرطان الغُدّي، والسرطان كبير الخلايا.
يشكل ما بين 10 و15 في المئة من الحالات الكلّية لسرطان الرئة. وينحو هذا النوع من المرض إلى النمو بشكل أسرع وأكثر احتمالية للانتقال إلى أعضاء أخرى من الجسم، ويكاد ينحصر حدوثه لدى المدخنين الشَّرِهين.
أقل من 5% من مجمل الإصابات بسرطان الرئة تكون من هذا النوع. وتنمو معظم هذه الأورام بشكل بطيء، ونادراً ما تنتشر إلى أجزاء أخرى من جسم المصاب. يُذكر أنّ جميع هذه النسب مستقاة من الجمعية الأمريكية للسرطان.
ينبثق سرطان الرئة من تفاعل بين العوامل الجينية والتعرض للمواد المسرطنة، الذي يؤدي للاستعاضة عن الخلايا الطبيعية في الرئة بأخرى غير سليمة تنقسم بشكل سريع. وتتأثر إمكانية حدوث ذلك الأمر بكل ما يلي:
يعتبر التدخين المسبب الأساسي لسرطان الرئة؛ حيث تقدر الخدمات الصحية الوطنية البريطانية بأنّه المسؤول عن زُهاء 85% من جميع أنواع سرطان الرئة. وبحسب منظمة الصحة العالمية، يقف تعاطي التبغ وراء 20% من وفيات السرطان العالمية، وقرابة 70% من وفيات سرطان الرئة. وقد يكون ذلك عائداً إلى اشتمال التدخين على استنشاق عدد من المواد السامة المتنوعة. ويزداد خطر الإصابة بسرطان الرئة مع طول مدة التدخين وعدد السجائر المدخَّنة، فيما ترتبط الأشكال الأخرى للتدخين، كالغليون والسيجار، أيضاً بهذا النوع من السرطان.
يمثل الرادون المسبب الثاني لسرطان الرئة؛ وهو عبارة عن غاز نشط إشعاعياً يوجد بشكل طبيعي في البيئة، ويتأتَّى من الصخور والتربة والغبار، ويمكن أنْ يعلق في المنازل والأبنية، وقد يسبب تلفاً في الرئة إنْ تم استنشاقه بكميات كبيرة، خصوصاً بين المدخنين. وغاز الرادون غير قابل للشم أو الرؤية، يتسرب من الأرض وينتشر في الهواء، الذي يتواجد فيه بكميات محدودة جداً، لكن هذه الكميات قد ترتفع في المناطق قليلة التهوية، أو في حال تواجد الشقوق في الأرضيات والأسطح والأساسات؛ بحيث يمكنه حينها التسرب والتراكم بمستويات ضارة ترفع خطر الإصابة بسرطان الرئة.
يعد التعرض للأسبستوس أكثر العوامل المهنية التي ترفع خطر الإصابة بسرطان الرئة. والأشخاص العاملون مع هذه المعادن السِّيليكيّة، كما هو الحال في معامل الغزل والنسيج وأحواض بناء السفن وأماكن استخدام المواد العازلة، معرضون أكثر بمرات عدة لخطر الوفاة بسرطان الرئة، كما يواجه الأشخاص المتعرضون لكميات أكبر من الأسبستوس خطر إصابتهم بورم المتوسِّطة (نوع من السرطان يصيب غشاء الجَنْب المحيط بالرئة)، وهم أيضاً في وارد تطوير سرطان الحنجرة والمبيض. يُذكر أنّ استخدامات الأسبستوس في العزل الحراري المنزلي قد تم تقييدها، لكنها قد لا تزال موجودة من السابق. وعندما تتداعى هذه المادة، فإنّها تطلق أليافاً دقيقة قد تعلق عميقاً في الرئة ولفترة طويلة، ومع الوقت قد تؤدي إلى السرطان.
تتوفر بعض أماكن العمل على مواد أخرى يُحتمَل تسببها بسرطان الرئة، لكن على نحو أقل من الأسبستوس. وتشمل هذه المواد الخامات المشعة كاليورانيوم، والمواد الكيميائية أو العناصر المستنشَقة، مثل: الزرنيخ، والكادميوم، والسيليكا، وكلوريد الفينيل، ومركّبات النيكل، ومركّبات الكروم، والبريليوم، ومنتجات الفحم، وغاز الخردل، ونشارة الخشب، والفورمالدهيد، وأثيرات الكلوروميثيل. وتتصرف هذه المواد على شكل مسرطنات تدمر بطانة الرئة وتسبب تطور السرطان.
كَوْن الشخص ناجياً من سرطان الرئة، لا يُعْفيه من خطر الإصابة مجدداً بهذا الداء الخبيث، خاصة إنْ كان مدخناً. وقد يكون خطر سرطان الرئة أكبر في حال كان الأبوان، الأخوة، الأخوات، أو الأطفال قد أصيبوا بهذا المرض. وقد يكون ذلك واضحاً؛ نظراً لكونهم مدخنين أيضاً، أو يقطنون أو يعملون في ذات الوسط الذي يتعرضون فيه للرادون وغيره من المواد المسببة للسرطان.
الأشخاص الذين خضعوا في وقت سابق لمعالجة إشعاعية في الصدر لسرطان آخر هم في خطر أكبر للإصابة بسرطان الرئة، وبخص إنْ كانوا مدخنين. ومن أمثلة هذه الحالات، أولئك المعالَجون من اللمفومة الهودجكينية، أو النساء اللائي حصلْنَ على جرعات إشعاعية بعد استئصال الثدي المصاب بالسرطان. مع ذلك، لا يبدو أنّ هذا الخطر يرتفع في حالة المعالجة الإشعاعية للصدر بعيد استئصال الكُتلة السرطانية الثديِيّة فقط.
يبدو أنّ انخفاض جودة الهواء في المدن، خصوصاً قرب الطرق المزدحمة والمصانع، قد يرفع قليلاً من خطر الإصابة بسرطان الرئة، وهو أقل بكثير من الخطر الناجم عن التدخين، لكن بعض الأبحاث تقدر أنّ 5-10% من مجمل وفيات سرطان الرئة حول العالم تحدث نتيجة تلوث الهواء الخارجي. وتُعد انبعاثات الديزل من الملوثات التي يوجد دليل كافٍ حول تسببها بسرطان الرئة.
يدرس العلماء أنواعاً مختلفةً من الأطعمة والمكمّلات الغذائية؛ ليروا فيما إذا كانت تغيّر خطر الإصابة بسرطان الرئة. وقد وُجد أنّ المدخنين الذين يحصلون على مكمّلات البيتاكاروتين لديهم خطر أكبر للإصابة بسرطان الرئة.
تتشابه آلية حدوث سرطان الرئة مع غيره من أنواع السرطان، مبتدئة بحدث أوّلي محفَّز بالمواد المسرطنة، متبوعاً بفترة طويلة من إنماء وتطور المرض في عملية متعددة الخطوات، تتمخَّض عن تغيرات خلوية وجزيئية وجينية. ويقع الحدث الأولي في وقت مبكر، وهو ما تؤكده الطفرات الجينية المتشابهة لدى المدخنين السابقين والحاليين، فيما يسمح التعرض المستمر للمواد المسرطنة بمراكمة المزيد من هذه الطفرات، التي تؤدي مع الوقت إلى الإصابة بالسرطان.
ويُباشر التدخين عملية التَّسَرْطُن ويعززها، من خلال قدرته على إحداث تلف في الخلايا المبطنة للرئة. ويعُجّ دخان السجائر بالمواد المسرطنة، التي تُحدِث تغييراً في النسيج الرئوي فوراً استنشاقه. وفي البداية، يكون الجسم قادراً على إصلاح الخلل، لكن مع كل تكرار التعرض، يزداد التلف الحاصل في الخلايا، الذي يدفعها مع الوقت إلى العمل على نحو غير طبيعي، وينتهي الأمر بتطور السرطان.
عادةً لا يوجد أعراض أو علامات واضحة لسرطان الرئة في مراحله الأولى، لكن العديد من المصابين بهذا المرض يطوّرون في النهاية أعراضاً، من قبيل:
قد لا يتم اكتشاف سرطان الرئة حتى تظهر الأعراض. وإنّ وجود مثل هذه الإشارات مع تاريخ للإصابة المرض سيدفع نحو التأكد من المشكلة، عبر الخضوع إلى فحوص متنوعة، قد تضم:
وارتكازاً على نتائج هذه الاختبارات، يتمكن الطبيب من تحديد مرحلة المرض؛ وهو ما قد يعكس درجة تقدم السرطان، ويحدد بالتالي أفضل السبل العلاجية.
بعد تشخيص سرطان الرئة وتحديد نوع ومرحلة المرض، تتم المباشرة بالعلاج عبر فريق من المختصين، الذين سيعملون معاً لتقديم أفضل العلاجات المتاحة.
أ. سرطان الرئة غير صغير الخلايا
وتحمِل جراحات سرطان الرئة بعض المخاطر. ويمكن أنْ تتضمن المضاعفات المحتمَلة خلال العملية أو بُعَيْدها: التفاعلات مع التخدير، النزيف الشديد، الخَثَرات الدموية في الرِّجْلين أو الرئتَيْن، عدوى الجروح، والتهاب الرئة. وبينما هو أمر نادر الحدوث، قد لا ينجو بعض الأشخاص من العملية. هذا وقد يأخذ التعافي من جراحة سرطان الرئة أسابيع أو أشهراً.
وقد تُلحِق المعالجة الإشعاعية للصدر ضرراً في الرئة، وتسبب السعال وضيق النَّفَس. وفي حال تعرُّض المريء إلى الإشعاع، فقد يؤدي ذلك إلى ألم الحلق ومشكلات في البلع، فيما قد تصاب الرئة بانخماص جزئي مع تقنية الاستئصال بالتردد الراديوي، الذي يتداعى فيه نسيج الرئة بفعل انكماش الحويصلات الهوائية. مع العلم بأنّ جميع هذه الأعراض تتحسن بعد إكمال العلاج.
ولهذه المعالجة الكثير من التأثيرات غير المرغوبة؛ إذ قد يختبر الشخص خلال العلاج أعراضاً، مثل التعب والغثيان والتقيؤ وفقدان الشعر، فيما يمكنها كذلك إضعاف مناعة الجسم؛ وبالتالي تهيئة الظرف المواتي لحدوث العدوى. وقد تتسبب المعالجة الكيميائية أيضاً بانخفاض تعداد خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية؛ مصيبةً الشخص المعالَج بها بفقر الدم، ومعرضةً إيّاه لخطر النزيف.
2. سرطان الرئة صغير الخلايا
يُعالَج سرطان الرئة صغير الخلايا، عادةً، بالمعالجة الكيميائية، سواء لوحدها أو مع المعالجة الإشعاعية. ويساعد ذلك على إطالة متوسط العمر المتوقع وتخفيف الأعراض. وفي العادة، لا تُستخدَم الجراحة للتعامل مع هذا النوع من السرطان؛ فغالباً ما يكون عند تشخيصه قد انتشر فعلياً إلى مناطق أخرى من الجسم. مع ذلك، إنْ تم اكتشاف المرض في وقت مبكر جداً، فقد يتم اللجوء للجراحة، وقد تُقدَّم بعدها المعالجة الكيميائية والإشعاعية؛ لقليل خطر عودة السرطان.
يصيب سرطان الرئة العضو المسؤول عن التنفس، ويمكن بالتالي للورم في الرئة أو المسالك الهوائية أنْ يسبب مشكلات تنفسية أو قلبية، على شاكلة:
ومع نمو سرطان الرئة، قد تغادر الخلايا السرطانية مكان الورم، وتنتقل عبر اللمف أو الدم أو الاجتياح المباشر لتنشر السرطان في أنحاء الجسم، وعادةً ما يحدث ذلك في: العقد اللمفية المَنْصِفية (منتصف الصدر)، الكبد، العظام، الغُدّتَيْن الكظريتَيْن، والدماغ. وتسمى هذه العملية بالنَّقِيلة، وهي المرحلة المتقدمة من المرض، حيث يصعب علاجه، ويؤدي إلى مشكلات صحية متعددة ومعقدة.
يمكن تجنب معظم حالات سرطان الرئة؛ كون أغلبها متعلقاً بالتدخين (يتضمن السلبي أيضاً)، أو بدرجة أقل التعرُّض لغاز الرَّادون وغيره من العوامل البيئية. مع ذلك، يُصاب بعض الأشخاص بسرطان الرئة من غير تعرضهم لأيّ من عوامل الخطر المعروفة، ولا يُعلَم بعد إنْ كان بالإمكان اتقاء مثل هذه الحالات. ومن بين المقاربات الوقائية لتقليل خطر تطور سرطان الرئة:
أهم ما يمكن القيام به للحد من خطر الإصابة بسرطان الرئة هو الإقلاع عن التدخين، وعدم التعرُّض لتدخين الآخرين. وينخفض الخطر أيضاً عند تحقيق ذلك حتى لو كان الشخص مدخّناً لسنوات. وفي الوسْع استشارة الطبيب حول الاستراتيجيات المساعِدة على ترك التدخين. وفي حال لم يكن الشخص من المدخنين، فعليه ألّا يبدأ بهذه العادة إطلاقاً، وإذا كان يقيم أو يعمل مع شخص مدخِّن، فلا حرج في حثّه على تجنب التدخين، وإلّا، فليدخِّن خارجاً إنْ كان ولا بد فاعلاً. هذا ويتوجب الابتعاد عن أماكن التدخين، والاستعاضة عنها بخيارات خالية من هذه العادة الضارَّة وتوابعها.
ينبغي التحقق من مستويات غاز الرَّادون داخل المنزل، خاصةً إذا كان الشخص يقطن في منطقة تواجه مشكلة مع هذه المادة المسرطنة. ويعتبر سد الشقوق والمنافذ في الجدران والأرضيات والأساسات جزءاً رئيسياً من أكثر المقاربات لخفض الرَّادون، كما تسهم التهوية الطبيعية المتكررة في منع تراكم هذا الغاز بمستويات خطيرة. ولمزيد من المعلومات حول اختبار الرادون في المنزل، يمكن التواصل مع السلطات المحلية ذات العلاقة بالصحة العامة.
على العمال أخذ احتياطات السلامة اللازمة لحماية أنفسهم من التعرض المهني للمواد الكيميائية الضارة، وعلى رأسها تلك المتعلقة بسرطان الرئة، كالأسبستوس. ويوصَى بقوة بتقييم المخاطر، وارتداء الكمامة الواقية أينما دعت الحاجة إلى ذلك.
قد يسهم اختيار نظام غذائي متوازن مع تشكيلة من الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة في الحماية من سرطان الرئة؛ حيث تُعطِّل مضادات الأكسدة والألياف في هذه الأطعمة آليات حدوث السرطان، الناتجة عن الجذور الحرة. وتُعرَف الخضراوات الصليبية، كالبروكلي والملفوف، بدورها البارز في هذا المجال.
توصي منظمات صحية عدة الأشخاص الذين يتوفَّرون على خطر إصابة مرتفع بسرطان الرئة أنْ يضعوا في حسبانهم إجراء فحص سنوي لترصُّد هذا النوع من السرطان. ويضم مثل هؤلاء البالغين في عمر 55-80 عاماً مِمّن يدخنون حالياً، أو اعتادوا التدخين في السابق (30 سنة فأكثر)، أو أقلعوا عن التدخين خلال الـ 15 سنة الأخيرة. ويمثّل التصوير المقطعي المحوسَب منخفض الجرعة الاختبار الوحيد الموصَى به للكشف المبكر عن سرطان الرئة.
يُكتشَف سرطان الرئة، غالباً، في مراحل متأخرة، عندما يكون أقلَّ قابلية للعلاج. وتحمِل الخروقات الطبية الجديدة وعوداً كبيرة في الكشف المبكر والمعالجات الفردية، لكنها تحتاج إلى دعم مادي كبير، مثل المعالجة المناعية للحالات المتقدمة من سرطان الرئة غير صغير الخلايا. وتعتمد النتائج طويلة المدى لسرطان الرئة على مقدار نمو السرطان وانتشاره. وتعتبر إحصائيات معدلات البقاء عامّة جداً؛ لذلك لا يمكنها إعلام المصاب بما سيحصل في حالته الخاصة، أو بالفترة التي سيحياها تماماً مع المرض الخبيث.
وتُقدَّم نتائج الإصابة بأنواع محددة من السرطان ومراحله من خلال مُعدَّل البقاء لخمس سنوات، الذي يمثل نسبة الباقين على قيد الحياة بعد مرور خمسة أعوام على تشخيص إصابتهم بالمرض الخبيث، علماً بأنّ العديد من مرضى السرطان يتمكنون من العيش لأكثر من هذه المدة بكثير، لكنْ يعتبر الرقم بمثابة مؤشر عام. على سبيل المثال، يبلغ معدل البقاء في المرحلة (I) من سرطان الرئة في الولايات المتحدة 54%؛ أي أنّ أكثر من نصف الأشخاص ما يزالون أحياءً بعد خمس سنوات من تشخيص الإصابة بالمرض في هذه المرحلة. في المقابل، تتدنّى النسبة إلى 4% فقط إنْ كان السرطان في المرحلة (IV)، وذلك وفق الجمعية الأمريكية للرئة.
سرطان الرئة هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً حول العالم، مشكّلاً حوالي 13% من النسبة الكلّية لحالات السرطان التي تم تشخيصها عام 2012. وقدَّرت منظمة الصحة العالمية تعداد المصابين بسرطان الرئة في أنحاء المعمورة في ذلك العام بـ 1.8 مليون حالة، منهم 1.24 مليون رجل، و583 ألف امرأة. ويمكن أنْ يُعزَى التباين بين الجنسين إلى شيوع المسبب الأبرز لسرطان الرئة - التدخين - بشكل أكبر عند الرجال.
وطبقاً للوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة للأمم المتحدة، فقد كانت أعلى معدلات حدوث المرض عام 2012 في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا، فيما سُجِّلت أدناها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. وقد حدثت 58% من الحالات في الدول الأقل تطوراً. وتصدرت هنغاريا قائمة الدول الأكثر إصابة بسرطان الرئة لكل 100 ألف نسمة من سكانها، تلتها أرمينيا، ثم كوريا الشمالية.
ويعتبر سرطان الرئة القاتل الأول من بين أنواع السرطان الأخرى، بنحو 1.6 مليون وفاة سنوياً؛ مُلْحِقاً خسائر بالأرواح تتجاوز ما تسببه سرطانات الثدي والبروستات والقولون مجتمعة (الجمعية الدولية لدراسة سرطان الرئة). مع ذلك، يعد سرطان الرئة واحداً من أكثر الأمراض الخبيثة الممكن تفاديها من بين أنواع السرطان المتصلة بنمط الحياة المعاصرة. ويؤثر المرض بشكل رئيسي في كبار السن، ويبلغ متوسط العمر عند التشخيص 70 عاماً، ونادراً ما يُسجَّل بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 45 سنة.