يعرف الفصام على أنه اضطرابٌ صحيٌّ نفسيٌّ مزمنٌ يؤثر على طريقة التفكير، والإدراك الحسي، والسلوك، والاستجابة العاطفية. قد يصبح المصاب بالفصام غير قادر على التمييز بين الحقيقة والخيال. كما يسبب الفصام مجموعة من النوبات الذهانية مثل الهلاوس والأوهام.يقسم الفصام إلى أنواعٍ متعددةٍ بناءً على الأعراض الظاهرة، فعلى سبيل المثال، يتميز الفصام البارانوي أو الزوراني بالأوهام والهلاوس السمعية، بينما يتميز الفصام المشوش باضطراب في عمليات التفكير والسلوك وعدم القدرة على تنظيم الكلام. ويترافق مع الفصام الجامودي بتطرف حركي يراوح بين التهيج المفرط وعدم القدرة على الحركة. ويسمى الفصام الذي تصبح أعراضه أقل حدة أو طفيفة بالفصام المتبقي. أما الفصام البسيط فيطلق على النوع الذي يترافق مع التطور التدريجي للأعراض السالبة بالتزامن مع الانحدار الملحوظ في الأداء. ومن جهة أخرى، ينتمي الأشخاص الذين يعانون أعراضاً لا تقع ضمن أنواع الفصام السابقة إلى الفصام غير المتمايز. كما يُعدُّ السبب وراء الإصابة بالفصام غير مفهوم بشكل كامل حتى هذه اللحظة. مع ذلك، قد يكمن السبب في مجموعة من العوامل أهمها الوراثة، وكيمياء الدماغ، والعوامل البيئية.يعرف مرضى الفصام بأنَّ لديهم استعداداً وراثياً من حيث الإصابة بالمرض، وعلى الرغم من أن امتلاك هذه المورثات لا يعني بالضرورة الإصابة بالفصام. وقد يرتبط اختلال توازن النواقل العصبية خصوصاً الغلوتامين والدوبامين في ظهور الفصام. كما تلعب مجموعة من العوامل البيئية، مثل: العدوى الفيروسية، والمشاكل السابقة أو المحيطة بالولادة، وعمر الأب دورا في الإصابة بالفصام، وخاصة عند الأشخاص الذين يملكون استعداداً وراثيا لذلك.تبقى فسيولوجيا الفصام غير مفهومة بشكلٍ واضحٍ، وتعد نظرية الشذوذ التشريحي، وشذوذ النواقل العصبية والجهاز المناعي من أشهر نظريات فسيولوجيا الفصام التي تلقى دعماً ورواجاً.ويقسم الأطباء عادة أعراض الفصام إلى ثلاث مجموعات. تضم الأعراض الموجبة أي تغيرات في السلوك أو الأفكار مثل الهلاوس والأوهام، بينما تتميز الأعراض السالبة بعدم القدرة على إظهار الاستجابات العاطفية التي يتوقعها المرء من الشخص الصحيح، وترتبط الأعراض المعرفية بعمليات التفكير والتي تشمل صعوبة التركيز وضعف الذاكرة.لا يوجد فحص محدد للكشف عن الإصابة اضطراب الفصام الذي يشخصه عادة أخصائي الصحة النفسية بالاعتماد على معايير الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي. ويتضمن عادة تقييم أعراض المريض، والقيام ببعض الفحوصات لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى للأعراض، مثل تعاطي المخدرات أو الإصابة بحالة مرضية أخرى.يحتاج الفصام إلى علاج طويل الأمد يتضمن عادة استخدام الأدوية بجانب العلاج النفسي الاجتماعي. كما يسبب عدم تلقي العلاج المناسب مضاعفات خطيرة تؤثر على جميع نواحي الحياة، مثل العمل وتكوين العلاقات. ولا تعد الوقاية من الاضطراب أمراً ممكناً، غير أن التشخيص والعلاج في مرحلة مبكرة قد يساعدان على مواصلة المريض حياته بشكل طبيعي.
.
يمثل الفصام اضطراباً نفسياً شديداً ومزمناً، يؤثر على طريقة التفكير، والإدراك الحسي، والاستجابات العاطفية، مؤدياً إلى صعوبات في التمييز بين الحقيقة والخيال، علما بأنَّ أعراضه تشمل مجموعة من النوبات الذهانية التي تفقد المصاب القدرة على الاتصال بالواقع، مثل الهلاوس أو الأوهام. وخلافاً للمفهوم العام عن الفصام، لا يمثل الاضطراب انفصاما في الشخصية أو شخصية متعددة. كما لا يعد مريض الفصام عنيفاً أو خطراً على الآخرين في معظم الحالات.
يقسم الفصام إلى عدة أنواع فرعية اعتماداً على الأعراض الموجودة. والجدير بالذكر أن الجمعية الأمريكية للطب النفسي قامت بإزالة تصنيفات الفصام من الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية؛ وذلك لمحدودية منفعتها في المساهمة في تطوير أو التنبؤ بالاستجابة للعلاج.
وتتضمن هذه الأنواع
يعدُّ السبب الرئيسي للإصابة بالفصام غير معروف. وتشير البحوث إلى مزيج من العوامل الفيزيائية، والوراثية، والنفسية، وكيمياء الدماغ بالإضافة إلى العوامل البيئية والتي تساهم جميعها في ظهور الاضطراب. وتظهر بعض دراسات التصوير العصبي تغييراتٍ في بنية الدماغ والجهاز العصبي المركزي عند مرضى الفصام، مع عدم القدرة على تأكيد أهمية هذه التغييرات.
على الرغم من أن السبب الرئيسي للإصابة بالفصام غير معروف حتى الآن، إلا أنَّ العوامل الآتية قد تزيد من فرص أو تحفز الإصابة بالاضطراب:
يشير العلماء إلى وجود مورثات تزيد من خطر الإصابة بالفصام، مع عدم وجود مورث محدد يسبب الفصام بشكل مباشر. وفقاً لخدمة الصحة الوطنية البريطانية، في حالات التوائم المتطابقة الذين يشتركون بنفس المورثات، يكون احتمال اصابة التوأم الذي سبق وأصيب أخاه التوأم بالفصام 50%. ليؤكد بذلك على أن هذا المرض موروثٌ جزئياً.
ويشير العلماء إلى أن مزيجاً من العوامل الوراثية والبيئية الآتية ضروري للإصابة بالفصام:
تزيد العدوى الفيروسية أو الاضطرابات المناعية من خطر ظهور الإصابة بالفصام. على سبيل المثال، يزيد احتمال الإصابة بالفصام في فترة لاحقة عند الأطفال الذين عانت أمهاتهم من الانفلونزا أثناء الحمل بهم.
تزيد المشاكل قبل أو أثناء الولادة من خطر الإصابة بالفصام. وقد تشمل هذه المشاكل انخفاض الوزن عند الولادة، وسوء التغذية، والولادة المبكرة، ونقص الأكسجين الناتج عن مضاعفات الولادة.
قد تكون الأحداث الحياتية المجهدة أحد محفزات الفصام عند الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالاضطراب. وتشمل هذه الأحداث: الحرمان، وخسارة العمل، ونهاية علاقة، أو أي نوع من سوء المعاملة.
وجدت بعض الدراسات وجود صلة بين ازدياد عمر الأب وارتفاع خطر الإصابة بالفصام؛ ومن الممكن أن يعود ذلك إلى زيادة فرصة حدوث الطفرات الوراثية في المني.
لاحظ العلماء وجود اختلال في توازن المواد الكيميائية في أدمغة مرضى الفصام. الجدير بالذكر أن هذه المواد تسمى بالنواقل العصبية وتشمل الدوبامين والغلوتامين والسيروتونين، وتنقل الرسائل بين الخلايا العصبية في الدماغ.
قد يسبب حدوث مشاكل في نمو دماغ الجنين أثناء وجوده في الرحم أضرار وانفصالات في المسارات الكيميائية ما يؤدي قد لاحقا إلى الفصام.
يمكن أن يظهر الفصام في جميع المراحل العمرية، لكنه عادة ما يظهر بين عمر 16-30 سنة. وتظهر حالات نادرة من الفصام قبل سن المراهقة، أو بعد عمر 45 سنة.
يصيب الفصام الذكور والإناث بنسب متساوية، لكنه يميل للحدوث في عمر أقل عند الذكور مع ارتفاع حدة الأعراض المصاحبة.
لقد أثبتت عدة دراسات وجود صلة بين سوء استخدام المواد المخدرة وزيادة خطر الإصابة بالفصام. ولا يبدو أن هذه المواد تشكل سبباً مباشراً للفصام، لكنها تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة به. ومن الأمثلة على ذلك؛ المواد المخدرة نفسانية التأثير مثل الحشيش، والكوكايين، والأمفيتامين.
لاتزال فسيولوجيا الفصام غير مفهومة بشكلٍ كاملٍ، وقد قدم العلماء في هذا الصدد الكثير من النظريات لتفسيرها من أهمها نظريات الشذوذ التشريحية، وشذوذ النواقل العصبية ونظام المناعة.
تظهر صور لأدمغة مرضى الفصام اختلافات في تركيبة الدماغ عن الأشخاص غير المصابين بالاضطراب. على سبيل المثال، يكون حجم بطينات الدماغ أكبر إلى حد ما عند المصابين بالفصام، مع انخفاض حجم الدماغ في الباحات الصدغية الإنسية. إضافة إلى ذلك، بأنَّ العلماء لاحظوا تغيرات في منطقة أو بنية تشريحية في الدماغ تسمى الحصين.
يعد اختلال التوازن في الناقل العصبي الدوبامين أكثر العوامل المرجحة للإصابة الفصام. ويكون الجهاز الحُوفي في منتصف الدماغ وقشرة أمام الفص الجبهي أكثر المناطق ذات الصلة بالاضطراب. والجدير بالذكر أن هناك مجموعة من الأبحاث التي تؤكد وجود دور للنواقل العصبية الرئيسية ومناطق الدماغ الأخرى من حيث الإصابة بالفصام. كما يؤدي انخفاض النشاط الدوباميني في الجهاز متوسط القشري إلى أعراض سالبة، بينما يؤدي ارتفاع النشاط الدوباميني في الجهاز متوسط الحوفي إلى أعراض موجبة. ويمكن لكليهما الحدوث معاً.
وتصب أبحاث أخرى تركيزها على نوعٍ فرعي من مستقبلات الغلوتامات يعرف باسم إن- ميثيل-دي-أسبارتات، ويرمز له اختصاراً بـ "NMDA"؛ وذلك لأنَّ مناهضات هذا النوع الفرعي، مثل: فينسيكليدين، وكيتامين قد تُسبب أعراضاً ذهانية لغير المصابين بالفصام.
يسبب النشاط الزائد لجهاز المناعة الناتج عن الضغط السابق أو التالي للولادة فرط في إنتاج السيتوكينات الالتهابية وتغيرات في تركيبة الدماغ ووظيفته. وقد يفسر ذلك ارتفاع نسبة السيتوكينات المنشطة للالتهاب والتي بدورها تنشط سبيل الكينورينين، الذي يساهم في استقلاب التريبتوفان إلى أحماض الكوينولينيك والكينورينك. وتنظم هذه الأحماض نشاط مستقبلات إن-ميثيل-دي-أسبارتات، كما يمكن أن تنظم نشاط الدوبامين أيضاً.
تعد الاضطرابات الأيضية مثل مقاومة الأنسولين عرضاً شائعاً في مرضى الفصام ويرتبط عادة وجود هذه الاضطرابات بالالتهابات. نتيجة لذلك، من الممكن أن يرتبط الالتهاب بفسيولوجيا الفصام أو بالاضطرابات الأيضية الشائعة بين مرضى الفصام.
يمكن أن تختلف شدة ومدة ووتيرة أعراض الفصام، التي تنقسم عادة إلى ثلاث فئات:
لا يوجد اختبارات دم أو تصوير يمكنها تأكيد الإصابة بالفصام. يعتمد أخصائي الصحة النفسية في تشخيص المرض على مطابقته لمعايير التشخيص المفصلة في الاصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي وهذه المعايير، هي:
يتطلب الفصام علاجاً طويلَ الأمد، حتى عندما تنحسر الأعراض. ويركز علاج الفصام على السيطرة على الأعراض حتى يتمكن المريض من عيش حياة منتجة. وتشمل هذه العلاجات:
تعد الأدوية المضادة للذهان فعالة في التخلص من علامات وأعراض الفصام. ويعتقد أنها تسيطر على الأعراض عبر التأثير على الناقل العصبي الدماغي المعروف باسم الدوبامين.
يمكن للأطباء والمرضى العمل معا للعثور على الدواء الأفضل، والجرعة الأنسب. وتشمل الأدوية المضادة للذهان ما يلي:
تسمى أيضاً " النمطية" وتكون تأثيراتها الجانبية العصبية عموما أكثر شيوعا، وتشمل هذه التأثيرات إمكانية الإصابة باضطراب في الحركة قابل أو غير قابل للتعديل. وتشمل مضادات الذهان من الجيل الأول ما يلي:
تسمى هذه الأدوية أيضا "أدوية الجيل الحديث"، أو " اللانمطية" وهي مفضلة عموما لأنها تشكل فرصة أقل لحدوث تأثيرات جانبية مقارنة بمضادات الذهان من الجيل الأول. وتشمل مضادات الذهان من الجيل الثاني ما يلي:
وتشمل هذه المعالجات مزيجاً من التدابير النفسية والاجتماعية التي تصل إلى ذروة الفائدة عندما تدمج مع الأدوية المضادة للذهان. وتتضمن هذه العلاجات:
يحتاج بعض مرضى الفصام الإدخال إلى المستشفى في أوقات الأعراض الشديدة لضمان سلامتهم، وحصولهم على التغذية الصحية، والنوم الكافي والنظافة.
يتم عادة اعتماد نموذج المعالجة الذي يدمج الدواء مع العلاج النفسي الاجتماعي، والعائلي، والعلاجات المهنية للمساعدة في تقليل الأعراض وتحسين نوعية حياة المرضى.
قد يؤدي الفصام غير المعالج إلى أعراض أكثر حدة. وتشمل المضاعفات المرتبطة بالفصام ما يلي:
ليس هناك طريقة مؤكدة للوقاية من الإصابة بالفصام. ومع ذلك، قد تساعد معرفة المزيد عن عوامل الخطر والمحفزات، مثل سوء استخدام العقاقير والعزلة الاجتماعية، الأفراد على الحصول على تشخيص مبكر والعلاج المناسب، ما يساعد على بقاء الأعراض تحت السيطرة قبل حدوث مضاعفات خطيرة، والوقاية من الانتكاسات أو تفاقم الفصام.
يمثل الفصام اضطراباً في الدماغ غير قابل للشفاء. مع ذلك، يستحسن التشخيص المبكر والعلاج المناسب، إذ يحد كثيرا من مآل المرض من تأثيرات الفصام على حياة المريض.
نشرت مجلة الفارماكولوجيا النفسية الأمريكية مراجعة تبين أن فرص إقدام مرضى الفصام على الانتحار 5٪ طيلة فترة حياتهم. كما تسهم مجموعة من العوامل الأخرى في زيادة معدل الوفيات مثل أنماط الحياة التي تشمل تدخين السجائر وسوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة وربما انخفاض مستوى الرعاية الطبية ومضاعفات الأدوية.
وفقا للجمعية الأمريكية للطب النفسي، أظهرت الأبحاث أن الفصام يؤثر على الرجال والنساء بنسب متساوية، ولكن الأعراض تبدأ في وقت أبكر عند الرجال. ويعاني الرجال عادة من أولى نوبات الفصام في أوائل العقد الثالث من العمر، بينما يحدث هذا الأمر للنساء في أواخر العقد الثالث أو أوائل العقد الرابع من العمر. وتتشابه النسب في جميع الفئات العرقية حول العالم.
أظهرت دراسة نشرت في مجلة أبحاث الفصام الدولية أن معدل انتشار الفصام يقدر عموما بنحو 1٪ حول العالم. ومع ذلك، فقد نشرت مراجعة منهجية في "الطب بلوس" بحثت في 188 دراسة شملت 46 بلداً أن خطر الإصابة الفصام على طول العمر يشكل ما نسبته 4.0 لكل 1000. وكانت تقديرات انتشار الفصام في البلدان الأقل نمواً أقل بكثير من تلك التي تعد ناشئة أو متقدمة. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك أكثر من 21 مليون شخص في العالم مصابين بالفصام، وأن 50٪ من المرضى لا يحصلون على الرعاية المناسبة