Register with us and take advantage of our distinguished services
السكّري النوع الثاني
نبذة عن المرض

السكّري النوع الثاني هو عبارة عن مرض أيضي يؤدي إلى تراكم غير طبيعي للسكّر في الدم. ويُنحَى بلائمة الإصابة بهذا النوع من السكّري، الذي يشكِّل أغلب حالات المرض، على تظافر العوامل الجينية وأنماط الحياة غير الصحية المؤدية غالباً إلى زيادة الوزن.

ويتمثَّل حجر الزاوية في التعامل مع السكّري النوع الثاني والوقاية منه في النظام الغذائي الصحي، والممارسة المنتظمة للأنشطة البدنية، والتمتع بوزن طبيعي. إلى ذلك، تتوافر العديد من الأدوية التي يمكنها المساعدة على التحكم بمستويات السكّر بالدم، وفي حال لم تستجب الحالة للعلاج بالأدوية الخافضة للسكّر، فقد يوصَف حينها هرمون الأنسولين.

ومع الوقت، قد يُفْضِي عدم السيطرة على مستويات السكّر المرتفعة إلى مضاعفات جسيمة: كالنوبة القلبية، السكتة الدماغية، العمى، والفشل الكلوي. بينما تؤدي المتابعة المستمرة والالتزام بالعلاج إلى حماية المصاب والحفاظ على صحته وحياته.

التعريف

داء السكّري النوع الثاني -أو ما كان يُعرَف سابقاً بسكّري البالغين أو السكّري غير المعتمِد على الأنسولين- هو مرض أيضي مزمن ترتفع فيه مستويات السكّر في الدم كنتيجة لنقص في هرمون الأنسولين أو عدم قدرة الجسم على استخدامه بشكل فعّال. ويعتبر هذا المرض أكثر أنواع السكّري شيوعاً، ويتطور غالباً بين الكُهُول وكبار السن، مع ذلك تُسجَّل أعداد متزايدة من الحالات بين الأطفال والمراهقين.

الأسباب

ما يزال السبب المباشر للإصابة بالسكّري النوع الثاني غير معروف، لكنّ عديداً من العوامل تسهم في تطور المرض، من أهمِّها: زيادة الوزن، ونمط الحياة غير الصحي، الذَيْن يؤدّيان لعدم استجابة الجسم للأنسولين، وإنتاج كميات غير كافية من هذا الهرمون.

عوامل الخطر
  • العوامل غير القابلة للتعديل: تكون بعض الحالات التي ترفع خطر الإصابة بالسكّري من النوع الثاني خارجَ سيطرة الشخص، وتضمُّ:
    • التاريخ العائلي والطبِّي: وجود قريب لصيق مصاب بالسكّري أو معاناة المرأة من سكّري الحمل يزيد احتمال الإصابة بالمرض.
    • العِرق: تكون قابلية تطور السكّري النوع الثاني أكبر لدى تحدُّر الشخص من سلالات مُعينة تشمل: الإفريقية، الآسيوية، اللاتينية، الأمريكية الأصليَّة، وجزر المحيط الهادئ.
    • العمر: تزداد مخاطر الإصابة بالسكّري النوع الثاني مع التقدم بالسنّ، وتسجَّل معظم الحالات بعد سنّ الخامسة والأربعين.
  • العوامل القابلة للتعديل: يمكن لبعض الأشخاص أنْ يحولوا دون إصابتهم بالمرض أو أنْ يؤخروا تطورها ويتمكنوا من تحسين نوعية حياتهم عبر إجراء بعض التغييرات الصحية التي هي في متناول اليد. وتشمل هذه العوامل:
    • الوزن الزائد: السُّمنة وفرط الوزن على علاقة وثيقة بالسكّري النوع الثاني؛ فـ 90% من المصابين بالمرض لديهم زيادة في وزنهم، علماً بأنّ هذا الخطر ينخفض كلما انخفض الوزن.
    • قلة النشاط البدني: أدى تغيُّر العادات الغذائية ومستوى النشاط بفعل التمدُّن ونمط الحياة المعاصِر إلى تصاعد أعداد المصابين بالسكّري النوع الثاني بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
    • ارتفاع ضغط الدم: يرتبط فرط الضغط غير الخاضع للسيطرة بتطور مرض السكّري، كما قد يسبب تلفاً في الجهاز القلبي الوعائي.
    • مستويات الكوليسترول غير الطبيعية: انخفاض البروتينات الشحمية مرتفعة الكثافة (HDL) و/أو ارتفاع الدهون الثلاثية يزيد خطر كلٍ من السكّري النوع الثاني والمرض القلبي الوعائي. ويمكن تحسين هذه الاختلالات بالتغذية الصحية، والقدر الكافي من التمارين الهوائية، والتمتع بالوزن الصحي، فيما قد تكون بعض الأدوية ضرورية.
    • ضعف تحمُّل الغلوكوز: تتخطَّى مستويات السكّر في الدم هاهنا الحد الطبيعي دونَ وصولها إلى ارتفاع كافٍ لتصنَّف على أنّها إصابة بالسكّري، وتُعرَف هذه الحالة بمُقدّمات السكري أو مرحلة مُقتَبَل السكّري.
فيسولوجية المرض

الأنسولين هو هرمون تفرزه خلايا بيتا في البنكرياس ليصل إلى مجرى الدم، ويعمل من هناك على تمكين الغلوكوز، القادم من الغذاء أو الكبد، من دخول الخلايا واستخدامه كمصدر للطاقة. ويتمخَّض عن ذلك انخفاض في مستوى السكّر في الدم، فيما تختلّ هذه العملية برمّتها في حالة الإصابة بالسكّري.

وعادةً ما يبدأ السكّري النوع الثاني بمقاومة الأنسولين؛ وهي حالة تَحدث عندما لا تستجيب الخلايا العضلية والكبدية والدهنية كما ينبغي إلى الأنسولين المُفرَز. ونتيجة لذلك، يحتاج الجسم كميات أكبر من هذا الهرمون لإعانة الغلوكوز على دخول الخلايا، وهو ما يمكِن تلبيته في البداية عبر إنتاجه وإفرازه بكميات إضافية. ومع مرور الوقت، يصبح البنكرياس مستنْزَفاً وغير قادر على الاستجابة بمقدارٍ كافٍ من الأنسولين عندما ترتفع مستويات السكّر، مثل ارتفاعه بعد الأكل؛ وبالتالي تبقى كميات فائضة من الغلوكوز في مجرى الدم.

العلامات والأعراض

لا يَعِي كثيرون إصابتهم بالسكّري النوع الثاني لفترة طويلة؛ نظراً لقلة وضوح الأعراض مقارنةً مع المصابين بالنوع الأول من المرض. مع ذلك، قد يواجه مرضى النوع الثاني ما يلي:

  • العطش الزائد: قد يُسحَب السائل من أنسجة الجسم تحت تأثير تراكم الغلوكوز في الدم وزيادة تركيزه؛ ما قد يدفع إلى الشعور بالعطش فوق العادة.
  • التبوُّل الزائد: يُخالج الشخص حاجة أكثر من المعتاد لقضاء الحاجة، وربما يستفيق ليلاً عدة مرات لذات الغَرَض.
  • الجوع الزائد: لا تحصل أعضاء الجسم وعضلاته على حاجتها من مصادر الطاقة لاختلال عمل الأنسولين؛ ما يُنعِش الرغبة بتناول الطعام.
  • فقدان الوزن: يستخدم الجسم مصدراً بديلاً للطاقة، متمثِّلاً بالبروتين العضلي والدُّهون؛ وبذلك يتم حرق المزيد من السعرات، مع خسارة كميات من الغلوكوز بطرحها في البول.
  • الشعور بالتعب: حرمان الخلايا من الغلوكوز، يجعل الشخص خائر القُوى، ويحرمه من الطاقة اللازمة للأنشطة الاعتيادية.
  • ضبابية الرؤية: قد يؤدي ارتفاع مستوى السكّر في الدم إلى سَحْب السائل الموجود في عدسة العين؛ ما يؤثر في حِدّة الإبصار.
  • العدوى المتكررة: توفِّر المستويات المرتفعة من الغلوكوز وسطاً مثالياً لنمو البكتيريا وتكاثرها؛ والذي يزيد فرص الإصابة بالعدوى.
  • بطء التئام الجروح: قلة تدفُّق الدم الناتجة عن مضاعفات السكّري قد تؤخّر عملية التعافي وتزيد من سوء الوضع.
  • الشُّواك الأسود: هو حالة جلدية تتمظهر على شكل بُقَع داكنة مخملية على مناطق الثَّنيات الجلدية، كالرقبة والإبط، وقد تشير إلى مقاومة الأنسولين.
التشخيص

تُستخدَم العديد من فحوصات الدم للكشف عن السكّري ومقدّماته. ونظراً لاحتمالية عدم وجود أعراض واضحة للسكّري النوع الثاني في مراحله الأولى، يمكن لهذه الفحوصات أنْ تُنْبِئ عن الإصابة قبل تفاقمها. وهي تشمل:

  • اختبار معدل السكّر التراكمي (A1C): يعكِس هذا الفحص متوسِّط مستويات السكّر خلال الشهرين أو الثلاثة السابقة، من غير أنْ يُظهر التذبذبات اليومية. ولا يتطلب هذا الاختبار صوماً قبل الخضوع له، ويمكن أنْ يُجرى في أيّ وقت من اليوم.
  • اختبار غلوكوز البلازما بعد الصوم (FPG): يعتبر أكثر الفحوصات استخداماً في تشخيص السكّري، عبر قياس مستوى السكّر في الدم بعد 8 ساعات من الامتناع عن الطعام والشراب، وتكون النتائج أكثر موثوقيَّة عند إجرائه في الصباح.
  • اختبار تحمُّل الغلوكوز عن طريق الفم: يُعد أكثر دقّة من الاختبار السابق، لكنه أقلّ أريحية، وهو يقيس مستوى السكّر بعد 8 ساعات صيام، ثم بعد ساعتين من تناول شراب يحوي 75 جراماً من الغلوكوز الذائب في الماء.
  • اختبار غلوكوز الدم العشوائي: تؤخَذ عينة دم في أيّ وقت ليُصَارَ إلى تحليلها ومعرفة مستوى السكّر، وهو يستخدم أحياناً لتشخيص السكّري خلال الفحوص الطبية الروتينية، عندما تكون النتيجة 200 مليغرام/ديسيلتر فما فوق، ومع ظهور أعراض المرض على الشخص.

التصنيف (بناءً على الاختبارات)

معدّل السكّر التراكمي (%)

غلوكوز البلازما بعد الصوم (مليغرام/ديسيلتر)

بعد ساعتين من اختبار تحمُّل الغلوكوز عن طريق الفم (مليغرام/ديسيلتر)

طبيعي

 

70-99

139 أو أقل

مُقدّمات السكّري

5.7-6.4

100-125

140-199

السكّري

6.5 أو أكثر

126 أو أكثر

200 أو أكثر

 

 

 

 

 

 

 

ويوصى بتفقُّد السكّري من النوع الثاني كل 3 سنوات ابتداءً من عمر الخامسة والأربعين، أو قبل ذلك في حال وجود عوامل الخطر. ويحتاج من هم في مرحلة مقتَبَل السكّري أو مُقدِّمات المرض إلى استشارة الطبيب بخصوص تواتر الفحوصات. أمّا الأطفال البدينون الذين يتوفُّرون على مخاطر إصابة أخرى، فعليهم البدء بتفقُّد المرض في العاشرة من عمرهم، ومن ثمّ إعادة الفحص كل سنتين.

وينبغي أنْ تَدفع ملاحظة الأعراض إلى إجراء الفحوصات اللازمة للتحقق من الأمر، علماً بأنّ أجهزة الفحص الذاتي عبر وخز الإصبع قد لا تكون دقيقةً بما يكفي للاعتماد عليها في تشخيص الإصابة، لكنّها قد تُستخدم كمؤشّر سريع على حالات ارتفاع مستوى السكّر في الدم. يستأهِل الذِّكر أنّ أجهزةً وأدواتٍ يُعمَل على تطويرها حالياً؛ بغرض توفير قراءات أسهل وأسرع وأكثر دقّة.

المعالجة

يهدف علاج السكّري إلى الحد من ارتفاع مستوى السكّر في الدم، والحيلولة دون حدوث المضاعفات على المدى الطويل. وترتكز المعالجة على ما يلي:

  • التحكم بالوزن: الحفاظ على وزن طبيعي قد يمكّن من ضبط السكّري من النوع الثاني، وقد يستغني بعض مرضاه عن تناول الأدوية بعد خسارة الوزن الزائد، مع أنّهم ما يزالون مصابين بالمرض. وقد يحتاج المصابون بسُمنة مفرطة ولا يتحكمون جيداً بالسكّري إلى الخضوع لجراحات فقدان الوزن، مثل المجازَة المَعِديَّة.
  • النظام الغذائي الصحي: إنّ معرفة المصاب ماذا ومتى وكم يأكل قد تمنحه صحة جيدة وتساعد على إدارة الحالة. ويمكن التنسيق بين الطبيب والمريض وأخصائي التغذية من أجل وضع خطة غذائية تناسب الأهداف وأفضليات الطعام ونمط حياة المصاب. وبشكل عام، يُنصح المصابون بالسكّري، غذائياً، بما يلي:
    • زيادة مَدْخول الأطعمة الغنية بالألياف، كالخضار والفاكهة.
    • تناول الحبوب الكاملة عِوضاً عن المُكرّرة.
    • الحد من استهلاك اللحوم الحمراء والسكّر والأطعمة المعالجة.
  • النشاط البدني: تساعد التمارين الرياضية على تحسين الاستجابة لهرمون الأنسولين؛ وبالتالي تسمح بإدخال الغلوكوز إلى الخلايا وتخفيض مستوياته في الدم. كما يسهم النشاط البدني في حرق السعرات الحرارية والدهون الزائدة؛ وهو ما يعين على التخلص من الوزن الزائد. ويمكن للممارسة المنتظمة للتمارين أنْ تحسِّن تدفق وضغط الدم. إنّ كل هذه المنافع الصحية تسهم في التحكم بالسكّري النوع الثاني وإبعاد شبح مضاعفاته. ويوصَى باستشارة الطبيب قبل البدء ببرنامج رياضي ما؛ بغية التعرُّف إنْ كان هنالك حاجة لأخذ خطوات معينة قبل وأثناء وبعد التمرين. وينْصَبّ الهدف الأسبوعي نحو أداء 150 دقيقة من أنشطة بدنية هوائية متوسطة الشدّة، كالمشي السريع، أو 75 دقيقة من أنشطة هوائية مرتفعة الشدّة، أو مزيجاً منهما مع تمارين تقوية العضلات في يومين أسبوعياً على أقل تقدير. وقد يحتاج المصاب إلى التحقُّق من مستوى السكّر قبل وبعد التمرين، كما يوصَى بالإحماء قبله والتهدئة عند الانتهاء، فيما يكون شرب كميات وافرة من الماء أمراً أساسياً لأداء جيد صحياً، وقد يقتضي الأمر تناول وجبة خفيفة قبيل بدء التمرين؛ توَقّياً لهبوط مستوى السكّر عن الحد الطبيعي.
  • الأدوية الخافضة للسكّر عن طريق الفم: إنْ لم يساعد النظام الغذائي والرياضة على إبقاء سكّر الدم ضمن المستويات الطبيعية أو قربها، فقد يلجأ الطبيب لوصف الأدوية، واحد أو أكثر حسب حالة المصاب. وتضم الأنواع الرئيسية منها:
    • البيغوانيدات (ميتفورمين أو غلوكوفاج): يعتبر خط العلاج الدوائي الأول للتعامل مع السكّري النوع الثاني، كما قد يعطى في بعض حالات مُقدّمات السكّري؛ وهو يجعل خلايا الجسم أكثر تأثُّراً بهرمون الأنسولين ويقلل إنتاج السكّر في الكبد، علماً بأنّه لا يسبّب نقص سكّر الدم، مع ذلك قد يشتكي بعض مستخدميه من تأثيرات جانبية في الجهاز الهضمي، كالإسهال، والتي قد يتم احتمالها مع تعود الجسم على هذا الدواء.
    • السلفونيل يوريا: إنْ لم يفِ الميتفورمين بالغرض، فقد يوصَف دواء آخر؛ إذ تعمل هذه المجموعة الدوائية بشكل مختلف عبر تحفيزها إفراز الأنسولين من البنكرياس. أمّا أبرز تأثيراتها الجانبية فهي إمكانية تسببها بهبوط مستوى السكّر في الدم. ومن الأمثلة عليها: غليبُوريد، غليبيزيد، و غليميبيريد.
    • الميغليتينيدات: مقارنةً بالمجموعة السابقة، تبْعَث الميغليتينيدات على إفراز أسرع للأنسولين ولفترة أقصر نسبياً، كما تحمِل خطر خفض مستوى السكّر إلى ما دون الحد الطبيعي. وهي تضم: ريباغلينيد، و ناتيغلينيد.
    • الثيازوليدينيديونات: يمكن لهذه الأدوية أنْ تخفِّض مستوى السكّر بزيادتها حساسية الأنسولين وتقليلها معدّلات إطلاق جزيئات غلوكوز جديدة من الكبد، لكن يُخَذ عليها إمكانية تسببها بزيادة الوزن وبعض التأثيرات الجانبية الخطيرة، كزيادة خطر الإصابة بفشل القلب والكسور. ومن أمثلتها: زوريغليتازون، و بيوغليتازون.
    • مُثبِّطات ثنائي ببتيديل ببتيداز 4 (DPP-4): تكْبَح انحلال أنزيمات ببتيدية نشِطة؛ ما يؤدي إلى إطلاق هرمون الأنسولين وتخفيض مستوى السكّر. سيتاغليبتين، ساكساغليبتين، و ليناغليبتين هي أبرز الأمثلة عليها.
    • ناهِضات مستقبلات الببتيد 1 الشبيه بالغلوكاغون (GLP-1): تعمل بشكل فعّال على خفض معدّل السكّر التراكمي ووزن الجسم، بينما تحمل خطراً طفيفاً لحدوث نقص في سكّر الدم. ومن أمثلتها: ايكسيناتيد، و ليراغلوتيد.
    • مُثبّطات ناقل الصوديوم والغلوكوز 2 المشترَك (SGLT2): طراز حديث من أدوية السكّري يُعرقل إعادة امتصاص السكّر في الكلى، ويزيد طرحَه في البول؛ وبالتالي يخفّض مستواه في الدم. هذا وتُعَد عدوى المسالك البولية الفطرية أبرز التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية، التي نذكر منها: كاناغليفلوزين، و داباغليفلوزين.
  • العلاج بالأنسولين: إنْ لم تؤدِّ تغيرات نمط الحياة والأدوية الموصوفة إلى التحكم بمرض السكّري النوع الثاني، يصبح الأنسولين خياراً علاجياً محتّماً. ويتم تحديد نوع وجرعة وتكرار حقن الأنسولين من قبل الطبيب، وبناءً على راهن الحال ودرجة السيطرة على المرض.
  • مراقبة مستويات سكّر الدم: في حال تمّ تشخيص الإصابة بالسكّري النوع الثاني، فعلى المصاب العمل بشكل لصيق مع الطبيب، من خلال المتابعة المستمرة وإجراء الفحوصات الدورية. ويكفي معظم المصابين بهذا المرض تفقُّد مستوى السكّر مرة أو مرتين في اليوم، أو حتى مرات قليلة أسبوعياً إذا كانت الحالة تحت السيطرة. ويمكن إجراء الفحص الذاتي عند الاستيقاظ، وقبل أو بعد تناول الطعام، وعند موعد النوم؛ فيما يحتاج بعض المرضى إلى إجرائه مرّات أكثر، مثل المصابين بأمراض أخرى، والحالات غير المتحكَّم بها، وحالات تذبذب ونقص مستوى السكّر في الدم. وقد يساعد الاحتفاظ بسجل مستويات السكّر على وضع الخطة العلاجية وضبطها؛ حيث قد يحتاج المصاب إلى إحداث تغييرات في وجباته وأنشطته وحتى أدويته؛ للحفاظ على مستويات السكّر ضمن نصابها الصحيح. وقد يتطلب الأمر الخضوع لاختبار معدّل السكّر التراكمي 2-4 مرّات في السنة، وتكون القيمة المستهدفة لدى معظم مرضى السكّري أقلّ من 7%. ويُعَد هذا الاختبار مؤشراً أفضل لإدارة السكّري مقارنةً بالفحوص اليومية، بينما تساعد هذه الأخيرة على السيطرة اليومية على المرض، وإبقاء العيون مفتوحة على الحالات الطارئة، كالارتفاع الحاد أو الهبوط في مستويات السكّر بالدم.
المضاعفات
  • المضاعفات طويلة الأمد: يمكن لداء السكّري أنْ يتسبَّب بالتلف للأعصاب والأوعية الدموية الصغيرة والكبيرة؛ ما يكبِّد المصاب معاناة فائقة. وتتطور هذه الحالات على مدار فترة من الزمن مع سوء إدارة المرض؛ بحيث يمكنه أن يؤول إلى:
    • اعتلال الشبكية السكّري: يعتبر المسبب الأول للعمى وقصور الرؤية. وينجم ذلك عن تلف الأوعية الدموية الصغيرة في شبكية العين؛ وهو ما تمكن ملاحظته خلال الاختبارات المنتظمة للرؤية.
    • اعتلال الكلية السكّري: يحتل ذلك طليعة مسبّبات غسيل وزراعة الكلى في الدول المتقدّمة، ويحدث عندما تُدمَّر الوحدات الوظيفية العاملة في الكلى بفعل تلف أوعيتها الدموية. وقد يسعِف اختبار وظائف الكلية وفحص بروتين البول في الكشف المبكّر عن المشكلة.
    • المرض القلبي الوعائي: تسهم مستويات السكّر المرتفعة في تضيُّق الشرايين على المدى البعيد من خلال تسريعها عملية تصلُّب الشرايين؛ ما قد ينتهي إلى حالات مهدّدة للحياة، كالنوبة القلبية والسكتة الدماغية.
    • الاعتلال العصبي السكّري: يعتبر أكثر مضاعفات السكّري شيوعاً، وينشأ من تلف الأعصاب بفعل ارتفاع مستوى السكّر وانحسار التروية الدموية للخلايا العصبية؛ ما قد يؤدي إلى فقدان الإحساس، وتلف الأطراف، والضعف الجنسي عند الرجال.
    • القدم السكّرية: تتمخَّض عن اختلال وظائف الأعصاب في القدمين وقلّة التروية الدموية لهما، زيادةٌ في خطر التقرُّح والإصابة بالعدوى. إلى ذلك، يواجه المصابون بالسكّري خطراً أعلى بـ 25 مرة لبتر أقدامهم، مقارنةً بالأشخاص السليمين.
    • مرض دواعم الأسنان: قلة التحكم بسكّر الدم تزيد مخاطر التهاب الأنسجة المحيطة بالأسنان، أو ما يسمّى "التهاب دواعم السّن"، الذي يعتبر سبباً رئيساً لخسارة الأسنان، كما يقترن بزيادة خطر الإصابة بالمرض القلبي الوعائي.
  • المضاعفات قصيرة الأمد: هنالك بعض الحالات الخطرة التي تتطور في غضون فترة قصيرة (أيام، ساعات، أو حتى دقائق) مع سوء استخدام العلاج أو عدم الالتزام به، وتلك تشمل:
    • متلازمة فَرْط الأُسْمولِيَّة اللاَّكيتونِي مُفرِطة السكّر(HHNS) : هي حالة شديدة تُرى غالباً بين كبار السن المصابين بالنوع الثاني من السكّري على وجه الخصوص، وتُسبَق عادةً بمرض أو عدوى. وتنشأ هذه الحالة من ارتفاع كبير في مستوى السكّر بالدم (يصل إلى 600 مليغرام/ديسيلتر وأكثر)، يؤدي إلى كثرة التبول والجفاف، كما قد تتأثر الحالة العقلية، وقد يفقد المصاب وعيه إنْ لم يتم التدخل.
    • الحُماض الكيتونِي السكّري(DKA) : حالة مُهدّدة للحياة تحدث بشكل رئيسي بين المصابين بالنوع الأول من السكّري، لكن مرضى النوع الثاني هم أيضاً في دائرة الخطر. تتطور هذه الحالة الخطيرة عندما تتضور الخلايا جوعاً للغلوكوز، وتبدأ باستخدام الدهون كمصدر أساسي للطاقة، وينتج عن هذه العملية تكوُّن الكيتونات، التي تصل مجرى الدم وتؤدي إلى اختلال التوازنات الكيميائية. ويمكن الاستدلال على هذه الحالة بالعُطاش وكثرة التبوُّل، إضافةً إلى الارتباك والتقيؤ ورائحة النَّفَس الشبيهة بالفاكهة.
    • نقص سكّر الدم (هبوط مستوى السكّر): بالرغم من التناقض الظاهري في المُسَمّيات، يُحتمَل أنْ يواجه الأشخاص الذين يُعالجون من السكّري انخفاضاً في مستوى السكّر بالدم عن الحد الطبيعي (أقل من 70 مليغرام/ديسيلتر). وقد يحدث ذلك نتيجة: تخطّي وجبة اعتيادية، أو أخْذ جرعة دواء/ أنسولين أكبر من المعتاد، أو أداء نشاط بدني فوق العادة. وتُعَد هذه الحالة من المضاعفات الخطيرة التي قد تُفقِد المصاب وعيه أو تودي بحياته، إنْ لم يتم التعامل معها على نحو عاجل.
الوقاية

يمكن لنمط الحياة الصحي أنْ يلعب دوراً طليعياً في درء الإصابة بالسكّري من النوع الثاني. ففقدان 5-7% من الوزن يخفّض فرص الإصابة بمُقدّمات السكّري بمقدار النِّصف، كما أنّ تناول الأطعمة الصحية والحفاظ على النشاط البدني هما مقاربتان أساسيتان لتفادي الإصابة بالمرض.

  • الوقاية من المضاعفات: بالنسبة لأولئك الذين يعانون من السكّري النوع الثاني، تتوافر عدة طرق لتأخير تطور المضاعفات المزعجة، يمكن إجمالها في الآتي:
    • التقيُّد بالخطة العلاجية، والالتزام بنمط حياة صحي شامل قدر الإمكان.
    • الخضوع للفحوصات المقرَّرة، مثل: الفحص السنوي للعين، واختبار معدل السكّر التراكمي كل ثلاثة أشهر أو كما يقرر الطبيب.
    • الحصول على المطاعيم الموصَى بها، كلقاح الإنفلونزا الموسمية؛ كون مستويات السكّر المرتفعة تُضعف نظام المناعة في الجسم.
    • العناية الجيدة بصحة الفم: كتفريش الأسنان مرتين يومياً، ومراجعة طبيب الأسنان كل ستة أشهر أو عندما تقتضي الحاجة تفقُّد وعلاج مشكلات اللثة والأسنان.
    • الاعتناء بالقدمين، من خلال تفقُّدهما يومياً وتنظيفهما بماءٍ فاتر، ثم تجفيفهما بشكل جيد، خاصّة بين الأصابع، بعدها يتم تطبيق دَهُون مرطِّب على سائر القدمين باستثناء ما بين الأصابع. ويستحسَن تقليم الأظافر بشكل منتظم وآمن، وارتداء أحذية مريحة ومناسبة للقدمين.
    • السيطرة على فرط الضغط واضطراب شحوم الدم. ويمكن تحقيق ذلك بالحد من استهلاك الصوديوم والدهون غير الصحية، وعبر ممارسة النشاط البدني، وتناول الأدوية الموصوفة لهذه الحالات.
    • الإقلاع عن التدخين والحد من شرب الكحول؛ فهما يسهمان -سويّةً أو كلاً على حدةٍ- في تطور مضاعفات السكّري التي تهدد الحياة بالخطر، كالنوبة القلبية.
مآل المرض

السكّري هو مرض يستمر مدى الحياة، ولم يثبت علمياً لغاية الآن وجود علاج شافٍ تماماً من المرض. مع ذلك، قد تنتفي حاجة بعض مرضى السكّري من النوع الثاني للأدوية بمجرد خسارتهم للوزن الزائد ورفع مستوى نشاطهم البدني؛ حيث يكفي الأنسولين الذاتي والنظام الغذائي الصحي للسيطرة على المرض عندما يصل المصاب إلى الوزن المثالي. أمّا إنْ لم يتم التعامل مع المرض كما ينبغي، فقد تستشري الإصابة وتتمخَّض عنها مضاعفات فادحة تؤثر في نوعية الحياة ومأمولها.

انتشار المرض

وفقاً للاتحاد الدولي لداء السكّري، يُعد هذا المرض واحداً من أكثر الطوارئ الصحية العالمية في القرن الواحد والعشرين، مسجِّلاً 8.8% من إجمالي سكان المعمورة عام 2015، ثلاثة أرباعهم يعيشون في دول منخفضة أو متوسطة الدخل. وإضافةً إلى الـ 415 مليون بالغ المقدَّرة إصابتهم بالسكّري، يُصَنّف 318 مليوناً آخرون في خانة الخطر الشديد للإصابة بالمرض مستقبلاً. هذا ويُتوقَّع أنْ يُصاب واحد من كل عشرة أشخاص بمرض السكّري بحلول عام 2040.

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ ارتفاع مستوى السكّر بالدم هو ثالث أكثر العوامل في زيادة خطر الوفاة المبكرة على الصعيد العالمي؛ حيث فَقدَ زُهاء خمسة ملايين شخص حياتهم بالمرض عام 2015. ويعتبر داء السكّري المسبب الأول للمرض القلبي الوعائي في جميع الدول المتقدمة تقريباً، وينطبق ذلك أيضاً على الفشل الكلوي والعمى وبتر الأطراف السفلية.

ويزداد عدد المصابين الذكور على الإناث بنحو 15.6 مليون حالة، فيما يعيش حالياً عدد أكبر من مرضى السكّري في المناطق الحضرية مقارنةً بالأرياف، وبواقع 269.7 مليون و145.1 مليون على التوالي. وتشكّل الفئة العمرية 20-64 سنة غالبية المصابين بالمرض (73%)، الذي يُصيب أيضاً 22.6% من الأشخاص في عمر 65-79 سنة.

ويعتبر النوع الثاني من المرض أكثر أنواع السكّري انتشاراً، وهو يحدث غالباً بين البالغين، لكنَّ تواتره في مرحلتَيْ الطفولة والمراهقة آخذ في اطّراد. وفي معظم دراسات انتشار مرض السكّري بين البالغين، لا يتم الفصل بين انتشار النوع الأول والثاني من المرض، لكنْ تُقدِّر بعض الدراسات في الدول مرتفعة الدخل أنّ مرضى النوع الثاني يشكّلون 87-91% من إجمالي المصابين بالسكّري، بينما لا تتوافر بيانات شافية حول الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

we would recommend you for today
سماء صافية
38.99°
Weather Temp
استخدم كريم واقي من الشمس وارتد نظارات شمسية للوقاية من أشعة الشمس الضارة